شرائح مسبقة الدفع بهوية إقامة عامل!
على الرغم من فرض عقوبات صارمة على بائعي أرقام هوياتهم المدنية، أو إقاماتهم لاستخدامها في شرائح الاتصال كمُعرّف غير حقيقي، إلاّ أن حجم التلاعب أصبح ظاهرة في محال وأسواق كثيرة، حيث تبيع العمالة الوافدة رقم إقامتها بشكل فردي، أو تعرض المئات من شرائح اتصالات مسبقة الدفع مكتوب عليها أرقام إقامات بعض العمالة حتى تتمكن من الشحن في أي وقت!.
وبحسب الرياض التي تمكنت من الوقوف على سير العمليات المخالفة لنظام «هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية»، إذ يبيع أحدهم شريحة لك بثمن مرتفع (70) ريالاً، فيما يقطع وعداً بأنك تستطيع أن تعيدها إن لم تقبل الشحن وفق رقم الإقامة المدون عليها، فيما يُخيّرك إن كنت تريد شحنها أولاً، وبالفعل تتمكن في النهاية من شحن الشريحة ليضاف إلى سعرها الذي تم تحديده من قبل البائع.
ولم يعد ذلك الأمر موجوداً فقط في الأسواق أو المجمعات التجارية، بل إنه من الممكن أن يواجهك شخص وأنت في مركبتك وأمام الإشارة المرورية، ويعرض عليك ما يملك من الشرائح، وهنا لابد من تدخل الجهات المعنية عبر آلية تجبر «المُنتفعين» على التوقف، كأن تطلب شركة الاتصال من صاحب الإقامة مراجعة مكتبها، أو أن يتمكن العميل من استخراج ما يشاء من الشرائح على سجله المدني أو رقم إقامته، شرط أن يكون من مكتب معتمد فقط، ولا مانع من تحديد ثلاث شرائح للمقيم فقط لضمان عدم انتفاع البعض من رقم إقامته عبر استخراج العديد من الشرائح باسمه، وبالتالي استغلالها في أمور سلبية.
وضع آلية
وعن كيفية وصول أرقام الإقامة إلى البائع، قال «محمد» -بائع متجول للشرائح-: «نحن نشتريها من عدة مصادر وعليها رقم الإقامة لشخص لا نعرفه، بيد أننا نثق بأن رقم الإقامة ليس مزوراً، بل حقيقي ويقبله النظام الإلكتروني، مضيفاً أنه يبيع نحو (150) شريحة يومياً في السوق الشعبي، كما أنه يبيع نحو (40) في المساء بالتجوال قرب الأسواق»، مبيناً أنه لا يعرف أن ذلك يُعد أمراً ممنوعاً؛ لأننا نتعامل معه على أساس أنه شيء عادي، مؤكداً على أن السوق مليء بمثل بضاعته، مُشدداً على أهمية وضع شركات الاتصال آلية تجبر السوق على التوقف عن البيع، كأن تطلب من صاحب الإقامة مراجعة مكتبها.
وأضاف: أنا شخصياً توجهت إلى مكتب إحدى شركات الاتصال من أجل تحديث بياناتي، وكانت المكاتب مزدحمة؛ لأن الناس تجاوبت ولم تكن هناك طريقة أخرى، لافتاً إلى أنه شاهد أرقام إقامة لعمال أجانب تباع مع الشريحة وتكتب عليها، ما جعله يتاجر بها.
أمور سلبية
وارتفعت نسبة المخاطرة للعامل الأجنبي؛ إذ تصل إلى حد ترحيله من البلاد إن ثبت أنه تورط وباع رقم إقامته لأي شخص مجهول، حيث لا تزال «حادثة المدينة المنورة» موجودة في أذهان بعض العمّال.
كيف يكون لعامل مقيم عشرات الأرقام ويتاجر بها؟
ويروي الحادثة «محمد إسلام»، قائلاً: «سمعنا عن مجموعة من العمال الأجانب امتهنت في المدينة المنورة بيع أرقام إقامات عمّال بهدف الإفادة منها في الشرائح الجديدة»، مضيفاً أنه تم إلقاء القبض عليهم، ووُعدوا بالترحيل، مما أدخلهم في خسارة كبيرة. وأكد «م.محمد شفيق» -عامل آسيوي- على عدم قبوله مطلقاً بيع رقم إقامته، وقال: يمكن أن يستخدم في أشياء ممنوعة، أو أن يُستغل في أمور سلبية، مضيفاً أنه يعرف وجميع العمّال أن بيع رقم الإقامة واستخدامه لأي غرض أمر غير قانوني، مشدداً على احترامه لقوانين البلاد التي جاء إليها لكي يُعين أسرته مادياً، مبيناً أنه يسمع كثيراً من العمال يبيعون رقم الإقامة الخاص بهم، ولو واجه عاملاً يفعل ذلك فإنه سينصحه بالعدول عما يفعل؛ لأنه يعرض نفسه للخطر والمساءلة القانونية.
مكتب معتمد
وذكر «محمد الحماد» -موظف- أنه رفض عرضاً من أحد المحال لأخذ شريحة على رقم إقامة خاص بعامل لا يعرفه مطلقاً، مقترحاً أن يتمكن المواطن من استخراج ما يشاء من الشرائح على سجله المدني، شرط أن يكون استخراج الشريحة من مكتب معتمد فقط، وليس من أسواق شعبية أو محال، مبيناً أنه فيما يتعلق بالأجنبي فالمفروض أن لا تزيد عن ثلاث شرائح، مع إخضاع الزيادة إلى ضوابط تفرضها هيئة الاتصالات، مشدداً على أهمية عدم تقييد الشرائح بعدد للمواطن، إذ ربما يريد أن يستخرج شريحة أو أكثر لأولاده الصغار.
وأضاف: شاهدت ذلك بنفسي عندما ذهبت إلى أحد محلات بيع الهواتف المتنقلة وإكسسواراتها لشراء أجهزة هواتف محمولة لأولادي، حيث عرض عليّ صاحب المحل شرائح اتصال بنوعين، إما أن تكون باسم أو بدون اسم، وعندما سألته كيف يكون بدون اسم وهيئة الاتصالات منعت الشركات المقدمة لخدمة الاتصال من استخراج شرائح إلاّ بنفس اسم صاحب الطلب، بل وحضوره مع هويته الشخصية التي تحمل سجله الرسمي، فأجاب العامل: إنها باسم شخص أجنبي، وتحمل رقم سجل إقامته المكتوب على بطاقة الشريحة!.
غش وتزوير
وأوضح «الحماد» أنه رفض ذلك خشية أن يستغل رقم سجله المدني لنفس الغرض، مضيفاً أنه قال للعامل: سأستخرج الشريحة من قبل الشركة المعنية، مشيراً إلى أن شرائح كثيرة كانت بنفس رقم الإقامة في المحل، وهذا يعني أن هناك تلاعبا في استخراج تلك الشرائح من قبل موظفي شركات الاتصالات بأسماء العمالة الأجنبية التي تأتي وعلى نيّاتها لاستخراجها رقم اتصال لها، فيتم استغلال صورة الإقامة التابعة لها ويستخرج بأسمائهم شرائح تباع في السوق السوداء، وهذا يُعد من أوجه الغش، فضلاً عن التزوير والاحتيال على النظام، مطالباً هيئة الاتصالات السعودية بضرورة وضع حد لهذا التلاعب بالطرق القانونية، وكذلك عدم صرف أكثر من ثلاث شرائح للعامل الواحد على سجل إقامته.
العميل مسؤول
ومع أن حجم المخالفات أصبح ظاهرة في السوق، حيث لم تعد المخالفة محدودة أو تحت نطاق السيطرة، إلاّ أن هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية توعدت في وقت سابق شركات الاتصالات التي لا تلتزم بقرار ربط الشريحة مع رقم الهوية الوطنية أو الإقامة؛ بإيقاع العقوبات وفقاً للنظام.
ويأتي تحذير «الهيئة» قبل أن تظهر مشكلة بيع أرقام الإقامة، كما أن شركات الاتصالات في المملكة تطبق القرار من ناحية الشكل، بيد أن الصعوبات تكمن في تطابق السجل المدني أو رقم الإقامة مع صاحب الرقم، وهي النقطة التي يتم التلاعب فيها بالأسواق حالياً.
وعن استغلال العملاء شدّد مسؤولون في شركات الاتصالات على أن شركاتهم تلتزم بتطبيق القرارات والأنظمة، كما أن الشركات تعمل على تطبيق المتطلبات الأساسية بما يتفق مع متطلبات الهيئة والجهات الرسمية في المملكة، وبناءً على ذلك فإن أي شركة تتعامل مع العميل وفق الأنظمة الصادرة، كما أنه المسؤول عن المخالفة، وليس الشركة.
انتشار واسع
وليس بعيداً عن الرصد الميداني يدرك عاملون في شركات الاتصالات بوجود التحايل، وأن الظاهرة آخذة في الانتشار؛ إذ أصبحت المبيعات عند إشارات المرور وعلى الطرق المزدحمة، وفي الأسواق الشعبية، وبعض المحال الرسمية التي تبيع الهواتف.
وأشار البائع «محمد» إلى أن سعر الشريحة ارتفع بعد أن تم تطبيق قرار هيئة الاتصالات بواقع يبلغ نحو (60%)، إذ كانت تباع الشريحة بنحو (20) ريالا ودون اسم!. يُذكر أن ملايين المشتركين في كل شركات الاتصالات تلقوا رسائل نصية تحذر من قطع الخدمة إن لم يتم تحديث وربط الشريحة، حيث طلبت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات وجوب ربط الشريحة مع رقم السجل المدني والإقامة، وأن لا يقبل الشحن، أو تحويل الرصيد، إلاّ من طريق إدخال الرقم قبل ذلك.