قصص وحكايات”نواعم خلف القضبان”
للنواعم خلف القضبان قصص وحكايات، فتلك انجرفت وراء صديقات السوء، وهذه عانت من غياب الزوج، وأخريات زين لهن الشيطان سوء أعمالهمن فانجرفن إلى براثن الخطأ، وهنا اختلفت أسباب التكبيل بالحديد واتحدت الأسباب، فتجاوز القانون خطيئة يعاقب عليها النظام.
مذنبات تائبات التقتهن «عكاظ»، منهن من كانت حلقة ضعيفة في جريمة أو ضحية تدبير الجنس الخشن، نسوة يمر من عمرهن اليوم بمائة عام خلف القضبان. فتدفن كل أحلامهن وآمالهن في غرفة رثة وإن خرجت فالمجتمع وعقابه أدهى وأمر، فكيف تعيش النساء في السجون وكيف يواجهن المجتمع (السجن الأرحب).
جاءت من وطنها إلى المملكة لأداء فريضة الحج برفقة والدتها إلا أن الأمن ورغد العيش جذباها للإقامة والدراسة وتزوجت من رجل وصفته بالخلوق إلا أنه عاطل عن العمل.
وتذكر النزيلة في إصلاحية جدة المحكوم عليها في قضية أخلاقية (أ . س): «حضرت إلى المملكة برفقة أمي وتعلمت في مدارس خاصة ومن ثم ارتبطت برجل صاحب خلق عال، ولكن لم يكن لديه عمل، وتعلمت فنون التصميم والخياطة لأعين زوجي على المصاريف الأسرية».
وتروي قصتها مع الجريمة: «بعد أن أتقنت التصميم والخياطة لجأت للعمل في مشغل نسائي ولكن تحت ظروف ولحظة ضعف طائشة عملت مع صاحبة المشغل وبعض العاملات في الترتيب للسهرات الماجنة مقابل المال حتى تم القبض علينا من قبل إحدى الفتيات التي كانت متفقة مع رجال الهيئة لتسقطنا جميعا».
وتضيف: «بعد القبض علي وإيدعي خلف القضبان عرفت معنى القرب من الله ووجدت لذة وحلاوة الإيمان، وتفاءلت بوجود مركز الدعوة والإرشاد، وندوات دينية مكثفة وتوعية دينية على أيدي داعيات يمتزن بالثقافة الدينية العالية، وكلها تنوه وتذكر بالمحافظة على الصلاة والقيم».
وخلصت إلى القول: «أصبحت الآن أصلي كل الفروض وأقرأ كتاب الله، وأختمه في فترة وجيزة، وأنا الآن أعلن توبتي من جريمتي غير الأخلاقية والتي حرمتني رضا الله وأبعدتني عن زوجي وأطفالي».
أم طلال .. من قاتلة إلى داعية
لحظة طيش وغضب نتجت عنها جريمة قتل غير عمد كانت بطلتها المعلمة أم طلال التي قضت خلف القضبان ستة أشهر ثم دفعت الدية لذوي المقتول وغادرت بعدها عالم السجن.
تحكي أم طلال حيثيات الجريمة قائلة: تزوجت وأنا في سن السادسة عشرة وكنت يتيمة الأب، ولا أنكر مدى حب زوجي لي ومعاملته الراقية ونتيجة عملي في مجال التدريس اضطررت لاستقدام خادمة آسيوية ترعى شؤون المنزل وتهتم بالأطفال.
وتضيف: ذات يوم شعرت بدوار وقررت العودة للمنزل ودخلت غرفتي فوجدت الخادمة مع رجل أجنبي في وضع مخل وفقدت سيطرتي التامة فانهلت عليها ضربا حتى الموت، فيما لاذ الوافد الذي ظننته زوجي بالفرار، وما زاد الأمر سوءاً أن أصغر بناتي كانت تنام في ذات الغرفة التي كانت الخادمة وعشيقها بداخلها.
وتزيد أم طلال: عاد زوجي ووجد الخادمة غارقة في دمائها فيما كنت مصابة بحالة هستيرية فحضر الهلال الأحمر وتم نقل جثة الخادمة وتم نقلي إلى المستشفى حتى تحسن وضعي، بعدها حولت إلى التحقيق واعترفت بكامل تفاصيل الجريمة أما زوجي فقد تخلى عني بمجرد دخولي السجن، وعندما تأكدت الأدلة الجنائية أن القتل غير متعمد حكم علي بالسجن ستة أشهر مع دفع دية لأهل الضحية وقدرها خمسون ألف ريال تكفل أخي بدفعها وإرسالها.
وعن حياتها خلف القضبان قالت أم طلال: عشت أجواء القيود ومرارة الندم ووجدت نفسي أكتب بعض الخواطر المعبرة عن معاناتي وصراعاتي النفسية الداخلية، وكتبت مقالة بعنوان «قاتل بلا ضحية» جسدت معاناتي وإقدامي على قتل خادمتى التي أجبرتني على ضربها حتى الموت، ووجدت تشجيعا وإشادة من زميلاتي النزيلات بتنمية تلك المهنة، وأطمح باحتضان أو تبني موهبتي لأجد في ذاتي قيمة معطاءة تعطي بلا قيود، ولكي أشغل فراغي هنا بما هو مفيد بعيدا عن الكبت والصراعات النفسية.
وأوضحت أم طلال أنها خرجت من السجن إلى سجن آخر وهو مجتمع ينظر إليها أنها قاتلة، فتخلى عنها زوجها أولا وحرمت من وظيفتها، أما جيرانها ومعارفها فباتت في نظرهم (القاتلة) المتعمدة، لم يعترف بها أحد منهم، وباتت الشبح المخيف لهم، وأكدت أن ما تعلمته في السجن والإصلاح أفضل بكثير مما تعلمته في مجتمع متهم، فالسجن وفر لها مهارات كانت مكبوتة في داخلها، وحفظت كتاب الله وبادت تنتقي أصدقاء وطالبات لحفظ كتاب الله ودعايتهم إلى الدعوة والإرشاد.
أم عبدالرحمن.. من الشعوذة إلى القرآن
ترددت بين الحديث عن تجربتها والصمت، وفي آخر المطاف آثرت أن الخوض في تجربتها سيكون لأخذ العظة والعبرة، أم عبدالرحمن النزيلة السابقة في إصلاحية بريمان في جدة والتي قضت خلف القضبان بعد أن ضبطت برفقة زوجها بتهمة السحر والشعوذة.
تذكر أم عبدالرحمن الوافدة الأفريقية والأم لخمسة أبناء أنها جاءت إلى المملكة بسبب الفقر والظروف المعيشية، فيما كان المستوى المعيشي الذي كانت تعيشه برفقة زوجها الموظف في القطاع الخاص جيدا بل إنه على حد وصفها محط أعين جاراتها ولم تخلو من حسدهن.
وعن بداية انخراطها في السحر والشعوذة تقول أم عبدالرحمن: «كنت أتعاون مع زوجي مجبرة، وكنت أعمل مكرهة فقد كنت مواظبة على الصلاة والصيام وسائر العبادات». وأضافت: «عملت على ترويج بعض الأساليب التي تكفل لي خداع الضحية بكل سهولة دون أن يتنبه إلى ذلك وذلك بعد إحضار كافة المعلومات عن المرأة التي يراد الإيقاع بها أو الرجل، أو تفريق الزوجة عن زوجها أو السيطرة عليها والتلاعب بها، وكنا نقوم بالعديد من أعمال السحر والشعوذة بهدف جمع المال بكل الوسائل». وعن حيثيات القبض عليها تقول: «قبض علي بالجرم المشهود داخل وكر اتخذته وجهزته لاستقبال الضحايا وأودعت بعد التحقيق والاعترافات السجن».
وأشارت إلى أنه خلال فترة الحكم عليها كانت نادمة ولم تفارق الدمعة وجنتيها، وأضافت: «بعد أن قيدت قدماي تسلل الخوف إلى أعماقي من المجهول، لكن إدارة الإصلاحية أعادت تأهيلي، وحفظت القرآن وتعلمت ما كنت أجهله».
وزادت: «كنت أقضي ساعات اليوم في التدريب والتأهيل المهني والذي حد من رتابة وكآبة السجن، لقد تعلمت حرفا مهنية شريفة تحول بيني وبين المهن الحرام وكسب الرزق بالطرق غير المشروعة، لقد وفرت لنا إدارة السجن جمعية الشقائق التي تولت تدريبنا الحرفي من رسم وتشكيل وتصنيع يدوي وتنسيق زهور وحياكة وخياطة وتصميم وتطريز وتجميل».
من جهته، أوضح الدكتور سعود الفنيسان أن من أقدم على السحر والشعوذة وتاب وأعلن توبته قبل أن يقبض عليه فلا عقاب عليه؛ لأنه أعلن توبته النصوحة، أما إذا قبض عليه متلبسا فحده القتل، ويوضح أن السحر هو شرك بالله وفيه امتهان لكتاب الله، واستعانة بالجن وماله يذهب من حيث أتى.
وأكد أنه مهما كانت قوة السحر لا تقع على من يتوكل على الله لقوله تعالى: «ومن يتوكل على الله فهو حسبه»، وينصح المسلمين والمسلمات بأن يتقوا الله في عدم اللجوء لهؤلاء الكهنة والمشعوذين لقوله صلى الله عليه وسلم: (من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)، وعليهم أن يعلموا أنه لو اجتمعت الجن والإنس على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك.