«خطأ المرأة» مساوٍ للرجل في الدين.. معاكس له في «الأعراف»
يرى مراقبون أن الدين ليس وحده، ما يحرك المجتمعات العربية، إذ يسيطر العرف الاجتماعي في كثير من أمور الحياة على تحركات المجتمع إلى درجة تفوق في بعض الأحيان سيطرت الدين، حتى أصبح ميزان العدل الاجتماعي يميل للرجل أكثر من المرأة، وإن كانوا في الخطأ سواء.
شرعيون واستشاريون يؤكدون وفقا لصحيفة الحياة أن العرف الاجتماعي قد يكون أعمق في بعض النفوس العربية من الدين، إذ يؤثر في معتقداتهم وتصرفاتهم حتى اختلطت العادات بالدين، وصعب التفريق بينها لدى بعض أفراد المجتمع.
في هذا السياق، أكد المدير العام لفرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكة المكرمة سابقاًَ الشيخ أحمد الغامدي «أن الشرع لم يفرق بين المرأة والرجل حين يقع أحدهم في المنكر، ولكن العرف جعل مسؤولية المرأة مضاعفة حال الوقوع في الخطأ بعكس الرجل» معتبراً ذلك خطأ تربوياً وشرعياً يقع فيه عامة المجتمع بسبب العرف والتربية الخاطئة.
وقال: «العقوبة التي تقام على المرأة هي نفسها التي تقام على الرجل، وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة في حادثة الإفك قال لها (إن كنت ألممتي بذنب فاستغفري الله)، ومن يدقق هنا يجد أن رسولنا الكريم لم يخاطبها بخطاب جاهلي فيه تمييز، بل مكث شهراً لم يتهمها أو يعنفها أو يصدر منه ما يسيء لها، ومع الأسف بعض من الرجال يندفع متهوراً بمجرد الشك أو كلام الناس».
وطالب ألا يكون العرف الاجتماعي مؤثراً في سلوك الفرد أكثر من التشريع، وأشار إلى أن «الذكر والأنثى يستويان بالمسؤولية الشرعية أمام الله» ، معتبراً أن العادات الاجتماعية المتحكمة بالمجتمع تسببت في سلوكيات خاطئة تصل لقتل المرأة في بعض الحالات، أو التضييق عليها وتكليفها فوق طاقتها، في حين نشاهد رجلاً يكون له علاقات محرمة، ويتكلم بها عند أصدقائه من دون انتقاد من المجتمع».
وعن نظرة منسوبي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تجاه تعاملهم مع خطأ الرجل والمرأة قال: «الهيئة جزء من المجتمع، وفيها أشخاص تتحكم في سلوكياتهم العادات والتقاليد، فيرون أن المرأة ليس عليها أن تفعل كذا.. بينما يغضون الطرف إذا كان الخطأ من الرجل». واعتبر أن أكثر ما يحرك رجال الهيئة العرف والعادة، وقال: «نجد في بعض الأحيان مبالغه في إنكار المنكر على المرأة أكثر من الرجل، وفي الوقت نفسه هناك من منسوبي الهيئة أفراد عقلاء لهم دراية ومعرفة بالتشريع، لا يفرقون حال المنكر بين الرجل والمرأة، وتجد لديهم الكثير من الانضباط» مبيناً أن إنكار التدخين على المرأة أكثر من الرجل يعود للعرف الذي لم يعتد رؤية امرأة تدخن.
من جهته، أوضح أستاذ الثقافة في جامعة أم القرى الدكتور سعيد بن مسفر القحطاني أن المرأة حين تخطئ وتتوب لا يقبل المجتمع توبتها، وتجرّم من الناس، على رغم أنهم لا يملكون جنة ولا ناراً، فالله هو من يغفر لها حال التوبة النصوح، واستشهد بقوله تعالى: «وإني لغفّار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى». ولفت إلى مفهوم من مفاهيم إقامة العدل وهو أن جميع التكاليف التي فرضت على الرجل فرضت أيضاً على المرأة، وجميع العقوبات التي فرضت على الرجل أيضاً للمرأة مثلها.
وأضاف: «هناك بعض التصرفات التي تصدر في بعض المجتمعات والقبائل والأعراف، وتأخذ فيها المرأة جزاء أكثر من الرجل، وهذا ليس من الإسلام، إذ إن الإسلام يعدل بين الرجل والمرأة، كما أن شريعة الله المتمثلة في الكتاب والسنة تتعامل مع المخطئ حال الذنب والخطأ على حدّ سواء».
ولفت إلى أن تعامل الهيئة يتفاوت في حال خطأ الرجل والمرأة «من يدقق يجد أن الهيئة حين تقبض على الفتاة والرجل في موقف ما، يختلف التعامل، إذ تُجرّم المرأة بالخطأ ويغفر للرجل».
وأشار إلى أن بعض الرجال يأمر زوجته بالغطاء وهو نفسه يقلب نظراته على النساء هنا وهناك، مؤكداً أن العرف في بعض المجتمعات العربية والمسلمة يُقدمُ على الشرع. وقال: «حين يرى أحد الرجال امرأة تدخن لأنه لم يعتد رؤية ذلك، فإنه يذهب لشتمها والكلام في أخلاقها، في حين لا نجد من يلوم الرجال على هذه العادة المحرمة والضارة».