حادثة طفل عربة الأشباح بجدة تتفاعل والأب يهدد بمقاضاة السوق
يعيش مأساة حقيقية لا يمكن تصورها. وُحدة موحشة، عوز موجع، تشتت وعدم استقرار في صحراء قاحلة، شمسها محرقة وبردها لاسع. هي حياة شظف وبؤس عاشها مسن مجبراً، ولكنه لم يتوقع أن تستمر حلقاتها 20 عاماً. ولكن هذا ما حدث.
إنه عبدالرحمن الجمعان، الذي سرد قصته وأبان همومه بعد أن تمنع طويلاً: «الشكوى لله وحده، لم يساعدني أحد طوال حياتي، ولم أطلب المساعدة من أحد، ولما كبرت أصبحت ضعيفاً وغير قادر على العيش وحدي في هذه الظروف الصعبة».
ووفقا للحياة يوضح: «حياتي مليئة بالأحزان، فقد عشت طويلاً مع زوجتي الأولى ولم يكتب الله أن أنجب منها، وعندها تزوجت بأخرى أنجبت لي ولداً فرحت به ليساعدني في هذه الحياة، إلا أنه توفي بعد عامين»، مؤكداً أنه لم ينس حتى الآن تلك الصدمة التي تعتبر مفتاح المآسي التي تتابعت عليه.
ويضيف: «على رغم انكساري بسبب وفاة فلذة كبدي، إلا أن أشقائي وكانوا ثلاثة على قيد الحياة، وكانوا يساعدوني ويقفون معي، إلا أنني في السنوات التالية لوفاة ابني فقدتهم الواحد تلو الآخر، فيما تخلى أبناؤهم عني، ولذا وجدت نفسي بلا أقارب».
لم يصمد عبدالرحمن وظل منكسراً بفعل الظروف النفسية السيئة التي مر بها، وانطوى على نفسه بعد أن تقاعد في عمله في القطاع العسكري (الفوج)، واضطر إلى العيش في صحراء قاحلة بالقرب من قرية الشقيق (120 كيلومتر غرب حائل) فلا أسرة تحتويه ولا منزل يؤويه.
ويصف الجمعان حاله بـ«الكسيفة»، موضحاً: «أحمد الله على قضائه وقدره، كنت أتمنى أن يرزقني الله أبناء يقومون على خدمتي، ولكن الله لم يرد».
ويتابع: «لا أعاني من العوز فقط، بل حتى الجوع معظم ساعات اليوم، وحالتي المادية سيئة للغاية، فلا أملك مأوى وأنام في الصحراء، وإذا حل الشتاء أنطوي في سيارتي، مع أنها لا تحميني من البرد، وكثيراً ما نمت وجسمي يرتعش من البرد والجوع، ولكنها أفضل من الخارج على كل حال»، مبيناً أنه يعيش على هذا الوضع وهذه الكيفية منذ نحو 16 عاماً
ولم يتسلم عبدالرحمن راتبه التقاعدي الذي يبلغ ألفي ريال، منذ أكثر من عام كامل، «مللت من الوحدة وأوجعني الجوع، فاضطررت إلى شراء خمس من الإبل لتونس وحشتي وأشرب من حليبها، ولكن لم أستطع توفير قيمتها، فسلمت بطاقتي الائتمانية إلى البائع»، لافتاً إلى أن اثنتين من الإبل نفقتا بسبب الجوع، «لأنني لم أستطع شراء علف للإبل».
لا رفيق لعبدالرحمن سوى سيارته (تويوتا موديل 1977)، فهي المأوى الوحيد وغرفة النوم الفوضوية، في القيظ يحتمي في ظلالها عن الشمس وينام داخلها عندما يشتد الشتاء.
ويؤكد المسن والدموع تتساقط من عيونه المنكسرة: «أعيش على الحليب والخبز الذي يحضره لي أحياناً أهل الخير، حتى إنه ليس لدي بطانية تحميني من البرد أثناء النوم حتى جلب لي شخص لا أعرفه بطانية قديمة قبل شهرين»، مضيفاً: «في حال كنت نشيطاً، فإني أجمع بعض الحطب لإشعال النار ليلاً ولو لدقائق معدودة».
ويلفت عبدالرحمن إلى أنه لم يسبق أن تواصل معه أي من مسؤولي «الشؤون الاجتماعية» في منطقة حائل أو أي جمعية خيرية، ولم يتلقَّ مساعدة مالية من أي جهة سوى مساعدات متقطعة من بعض فاعلي الخير، الذين يحضرون بعض الخبر والأكل له وقليل من النقود.
ولا تتوقف مآسي عبدالرحمن على وحدته وعيشته بلا مأوى في الصحراء، فالأمور الصحية سيئة جداً، بل إن حياته في خطر، خصوصاً وهو يعيش في العراء وفي البرد القارس الذي تنخفض درجة الحرارة فيه إلى ثلاثة درجات مئوية تحت الصفر.
تفاعلت قضية الطفل الذي دهسته «عربة مدينة الأشباح» أول أمس بملاهي أحد الأسواق المركزية الواقعة على طريق التحلية بعد أن هدد والد الطفل بمقاضاه السوق بداعي الإهمال وافتقار ألعابه لوسائل السلامة، وكان الطفل يزن – 7 سنوات – قد خرج من العناية المركزة بمستشفى بقشان أمس وقالت مصادر طبية أن حالة الطفل تتماثل للشفاء ووصفتها بـ «المستقرة».
بداية الحكاية
ووفقا للمدينة قال والد الطفل عبدالله الغامدي للصحيفة لقد قمت بأخذ أطفالي بنزهة أسبوعية مع أبناء عمهم إلى أحد الأسواق المركزية التي تقع على طريق الأمير محمد بن عبدالعزيز، وقد بدأوا بإحدى الألعاب التي تسمى «بيت الأشباح» وبعد أن أودعتهم إلى الموظف المختص بتحميلهم العربات ذهبت برفقة زوجتي للجلوس على مقاعد الإنتظار ريثما ينتهون، وقد قام العامل المختص بإركاب 6 من إخوان «يزن»على العربة فيما لم يتسع المكان ليزن – 7 سنوات، مما جعل العامل يضعه في عربة لوحده وبعد أن بدأت العربات بالتحرك والدخول إلى بيت الرعب خاف ابني يزن من بعض الأشكال المخيفة خوفًا ذريعًا مما جعله يهم بالنزول للحاق بإخوته بالعربة الأمامية وفي حين وقوفه وخروجه من العربة متوجهًا إلى عربة إخوانه سريعًا اصطدمت به العربة ودهسته تحتها لمسافة 6 أمتار وابني يقع تحت عربة تزن 2 طن.
صراخ عالٍ
وأضاف الغامدي: في تلك اللحظة قام ابن عمة يزن بالصراخ من أجل إيقاف اللعبة وبعدها خرج ليستنجد بي ويقول «يزن مات» مما جعلني أهب بالدخول وبرفقتي بعض الذين كانوا بجوارنا في محاولة لرفع العربة ولم نستطع لوزنها الثقيل واستنجدنا ببعض العمالة الذين رافقونا وأخرجنا ابني من تحت العربة وقد كان أزرق اللون وعيناه جاحظتان نتيجة الاختناق والزبد خارج من فمه وقد قلت لنفسي إنه مات فقمت بحمله إلى الخارج وعملنا له تنفسًا صناعيًا وبعد عدة محاولات بدأ أبني بالتنفس وإخراج بعض الدم من فمه والبلغم من صدره وحينها بدأ بالتنفس فقمت بحضنه وأنا أبكي بأنه عاد إليّ.
نقلتنا «الشرطة»
وأكمل الغامدي : بعد ذلك قمنا وبعض الذين وقفوا معي بحمل الطفل إلى خارج المركز وقمنا بإيقاف مركبة شرطة وطلبناه بنقل ابني إلى مستشفى بقشان وعمل الفحوصات الطبية وقد أخبرنا الأطباء بعدم وجود أية كسور في جسمه ولكن علامات كفرات العربة بدأت واضحة على ظهره وأرجله. وقد أجريت لابني عدة غرز في وجهه من إصابة الدهس.
ويتمنى الجمعان من كبار المسؤولين في هذه البلاد المباركة والقائمين على الجمعيات الخيرية وفاعلي الخير مد يد العون له ومساعدته للتغلب على الظروف المأسوية، مناشداً خادم الحرمين الشريفين بالتوجيه بتأمين مأوى أو مسكن له يؤويه في آخر عمره، كما يتمنى من فاعلي الخير والباحثين عن الأجر والمثوبة من المولى عز وجل مساعدته في ما يواجهه من كدر ومشقة في الحياة.