الأخبار المحلية

رجال أمن يحفزون الدرباوية والشرطة تحيلهم للتأديبي

فيما اخترقت دهاليز تجمعات الشباب الملقبين بـ”الدرباوية”، واستنطقت بالأمس تفاصيل مثيرة من “الموجه” لتحركاتهم عبر جهاز “البلاك بيري”، ورفضهم لاتهامهم بإزعاج العائلات والتضييق على المارة، تكشفت معلومات جديدة عن استخدام بعضهم لإضاءات ملونة لمركباتهم من الداخل.
يقول”الموجه”، إن اللون “الأحمر” يعني أن مستخدميه ممن يتعاطون المخدرات والمسكرات المهربة لهم بواسطة المتسللين، مشيرا إلى أن تسخين مشروب “الحمضيات” قبل تناوله لا يمثل سوى عادة شبابية، لافتا إلى أن ارتداء “العمامة” موضة.
وكشف “الموجه” الذي يحمل 6 شهادات، منها دبلومان، وشهادتان في اللغة الإنجليزية وإسعافات أولية وغوص، أن تجمعاتهم و”فرتهم” على الطرقات لا تخلو من مشاركة وتحفيز رجال أمن، وهو الأمر الذي أقر به مدير شرطة منطقة عسير اللواء عبدالرحمن الأحمدي، مشيرا إلى اتخاذ إجراءات حازمة بحق المتورطين، وإبلاغ مراجعهم الأمنية لمعاقبتهم وعرضهم على المجالس العسكرية “التأديبية”.

تواصل الصحيفة فتحها لملف “الدرباوية” في حلقة ثانية، بعدما قدمت في الأولى تعريفاً بهم، مؤكدة أنهم مجموعة من الشباب المتهور الذي ينضم في نسيج غير متجانس يمارسون “الفرة” عبر تجمعات يحدد شخص يعرف بأنه (الموجه) مكانها وتوقيتها، وغالباً ما يتم تغيير هذه المواعيد والأماكن تبعاً لملاحقة رجال الشرطة لـ”الدرباوية” في مطاردات كر وفر لا تتوقف.
كما عرضت الصحيفة في الحلقة الأولى لعلاقة “الدرباوية” المتأزمة مع رجال المرور، ولتذمر بعضهم من إطلاق هذا المصطلح عليهم، ومطالبتهم بأن تمنح لهم الفرصة لاستغلال مواهبهم، معترضين على اتهامهم بإزعاج العائلات والتضييق على المارة، مشيرة أيضاً إلى زمر منهم تعرف بمسيمات مختلفة، من بينها “المفحطون” الذين لا ينضوون جميعاً تحت لقب واحد، فمنهم المعزز، ومنهم الموجه.
وعرضت كذلك لطرق التواصل بين “الدرباوية” عبر البلاك بيري، موضحة أنهم مجموعات من الشباب الذي يجد نفسه عاطلاً عن العمل، ويبحث عن فرصة إثبات الذات بسبل مختلفة.
وفي الحلقة اليوم، تواصل الصحيفة هذا الملف، لتشير إلى زمر جديدة من “الدرباوية” لهم خصائص تميزهم، وإلى طريقة تعامل رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الظاهرة التي يشكلونها، والحلول التي يمكن أن تنهي هذه الظاهرة.
سر الحمضيات
يميز بعض “الدرباويين” بعضهم باستخدام إضاءات مركباتهم الداخلية، فلكل لون دلالته المعروفة بينهم، وهي تتباين بين لون أحمر وأصفر وأخضر. ويوضح (الموجه) أن اللون “الأحمر” خاص، يعني أن مستخدميه قد يكونون ممن يتعاطون المسكرات بواسطة المتسللين.
ويستخدم “الدرباويون” عموماً مشروب “الحمضيات” الذي يتم تناوله ساخناً وبكثرة، وهم يعتبرونه سرّهم الخاص بهم، وهو ما يميزهم على حد قولهم عن غيرهم، معتبرين أن استهلاكه ليس سوى عادة فقط، لأن “باقي المشروبات” مستهلكة حسب قولهم، ومتعارف عليها بين الناس، ولا يريدون استخدام مشروب يستخدمه العامة.
كما يرتدي “الدرباويون” العمامة، وهم لا يلبسونها للتخفي بل هي موضة، ولكل طريقته الخاصة بلفها.
ويتفق بعض “الدرباوية” على شراء سيارات عن طريق “القطة” أو المشاركة فيما بينهم، فيما أكد آخرون أنهم يسرقون سيارات “للتفحيط”، وبعد الانتهاء يسرقون كفراتها، ويتركونها في مكان ما بعد “التفحيط”.
المجهولون والمخدرات
لم ينكر بعض “الدرباوية” على حد قولهم دور مجهولي الهوية الفعال في ترويج المسكرات على الشباب مهما كانت أعمارهم، ولا ينكرون وجودهم بينهم، قالوا “بعضنا لا يدخن، ومنا من ساهم في القبض على المجهولين وتسلميهم للسلطات، وتعرضنا لإصابات مختلفة أثناء مشاركتنا في مطاردتهم”.
وفي ليلة “الفرة”، وخلال مرافقتنا لـ”الموجه” أشار لنا إلى سيارة متوقفة في أحد زوايا طريق التعاون من نوع “جيمس” وقال إنها تأتي لتبيع “الممنوعات”، وكان يأتي بها سائقها ليقف قريباً من تجمع “الدرباوية”.
وشدد كثير من “الدرباوية” أن عدداً من رجال الأمن يدخلون بينهم، ويمارسون أعمالهم، حيث يتوجهون فور الانتهاء من عملهم للمشاركة “بالفرة”، وبيّن “الموجه” أن هؤلاء يندمجون مع “الدرباوية” كأنهم منهم.
البطالة السبب
يشتكي غالبية “الدرباويين” من أنهم عاطلون عن العمل ومن الفراغ، ويقول الموجه: “لدي (6) شهادات وأحمل مؤهل دبلومين: أحدهما محاسبة مالية من كلية التقنية، والآخر حاسب آلي من جامعة الملك خالد في أبها، وشهادتين في اللغة الإنجليزية وإسعافات أولية وشهادات في الغوص، وقد تقدمت للبحث عن وظيفة ولم يتم قبولي، بينما الواسطة منحت صديقي وظيفة”.
فيما يقول بعض “الدرباوية” “على نصف سنتيمتر يحرموننا من العمل، ويصرون على أن عدم وجود وظائف من أهم أسباب هذه الظاهرة.
وأجمع الكثير منهم أن عدم وجود وظيفة يعتبر أحد أبرز أسباب تواجدنا، وأضافوا لدينا فراغ كبير، ماذا نفعل وأين نذهب؟ في كل مكان نحاول الدخول فيه هناك يقال لنا مكان عوائل، وفي الشوارع يقال لنا ممنوع التجمع، فأين نذهب؟ نحن نطالب أيضاً بساحة بعيدة عن الأحياء السكنية للاستعراض، مع تواجد رجال الأمن لدرء المشاكل وتنظيم الاستعراض.
ويقول “الموجه” “لا أتوقع أن هناك حلا لهذه الظاهرة لأن “الجروبات” كثيرة وتتواصل عبر البلاك بيري، ولو ترك المرور “الدرباويين” في حالهم لانصرفوا دون إزعاج”.
“الأمر بالمعروف”: هم أبناؤنا
ومقابل تأزم العلاقة مع المرور، تبدو العلاقة بين الدرباويين ورجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر طيبة، حيث يشيدون بدورها الفعال وحسن تعاملهم، ولين كلام رجالها وأدب حوارهم معهم، بعيداً عن الشتيمة أو الإساءة، ولذا فإن الدرباويين يتقبلون توجيهاتهم.
ويقول رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة عسير الشيخ عامر عبدالمحسن العامر “لا يخلو الشباب من الإيجابيات، فهو شباب واع ومتعلم والبعض منهم جامعي، ويستشعرون قيمة بلدهم ومكانته”.
وبيّن العامر أن في الهيئة أعضاء اتبعوا دورات مكثفة في التعامل وفنون الاتصال، مؤكداً أن “الدرباويين” هم “أبناؤنا وعلينا الاهتمام بهم” وتوجيههم، ويجب أن نتعايش معهم في أفراحهم وأحزانهم، وأضاف: لا نستطيع التغيير حتى تكون هناك قناعات من الشباب حتى وإن تصرفوا بطريقة خاطئة، فالتغيير ليس بالعقوبة، بل مهمتنا مساعدة الشباب في الابتعاد عن السلبيات ودعم الإيجابيات، ويكون ذلك بالتوجيه السليم والابتسامة الطيبة والجلوس معهم، والأهم من كل ذلك منحهم الثقة في أنفسهم.
وأكد العامر أن بين “الهيئة” و”الشؤون الإسلامية” تعاونا، حيث تكون الكثير من الخطب تصب في توجيه الشباب التوجيه السليم وتربيتهم وفق الأطر الإسلامية العظيمة، كاشفا أن هناك برامج لدعم المعوقات الإيجابية في المجتمع السعودي بمنطقة عسير، وستكون قريبا بإذن الله، وهو يعني عقد اجتماع الآباء والأبناء في الصالة الرياضية بالمحالة وإعطاء دورات في تربية الأبناء وكذلك الشباب في تعاملهم مع الغير سواء في المنزل أو المدينة أو العمل أو غيرها من مواقع الحياة، وختم العامر قوله بأن سمو أمير منطقة عسير الأمير فيصل بن خالد يوجه دائما بالاهتمام والدعم لهذه الشريحة الغالية على قلوبنا، فالشباب جزء منا لا يتجزأ، ولديهم إدراك تام بوطنهم ومجتمعهم، ونلمس حرصهم الدائم والتجاوب المستمر. فيما هناك مسؤولية كبيرة على الوالدين في المنزل.
شرطة عسير: نتابعهم ونبحث الظاهرة علميا
من جانبه تحدث مدير شرطة منطقة عسير اللواء عبدالرحمن عبدالله الأحمدي للصحيفة، وقال: ظاهرة الدرباوية بدأت في عسير قبل حوالي 6 أشهر، وشكلت لها لجنة أمنية ولجنة بحثية علمية لدراسة هذا الموضوع من مركز الدراسات والبحوث في الإمارة وبعضوية الأجهزة الأمنية وبعضوية أكاديميين من جامعة الملك خالد، وما زال الموضوع تحت الدراسة، أما فيما يتعلق بالشق الأمني فقد وضعت له الخطط اللازمة لمحاصرة هذه الظاهرة وعدم السماح باستفحالها ومحاصرة الطرق والتعامل الحضاري مع الشباب الذين هم عماد الوطن ومستقبله، ونجحت هذه الخطة إلى حد كبير، وعرفنا معظم المعلومات منهم، وأفراد هذه المجموعات محاصرون إلى حد كبير، والأمر قيد السيطرة الأمنية والدراسة الأكاديمية، وأضاف: مازلنا نكافح الظاهرة، ونجد أنها قلت بنسب مئوية جيدة، يعني في بداية الأمر كانت فرة الثلاثاء مزعجة، وكانت الأعداد كبيرة، كانت تزعج الآخرين، لكن الآن الحمد لله بفضل الوعي أولاً من الشباب أنفسهم، ثم بفضل دور الأسرة، ومتابعة الإعلام بطريقة هادفة أكثر من مرة لهذه المشكلة ساعدت على الحلول، وهناك شباب متفهمون وواعون، ودورهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا ينكر أبدا، فلها باع طويل في مساعدة الشباب أنفسهم، مما أدى إلى انخفاض النسب، إلا أننا لن نتهاون أبدا عندما نجد تجاوزات.
ولم ينف الأحمدي وجود رجال أمن يشاركون “الدرباوية”: وجدنا رجالا عسكريين معهم، وتم اتخاذ إجراء قوي وحازم بحقهم، وتم إخطار مراجع العسكريين لمحاسبتهم، ومن قبض عليه في أي من القطاعات العسكرية يتم التعامل معه بحزم وصرامة ومحاسبته، بل والتحقيق معه وعرضه على المجلس العسكري.
وبين مدير الشرطة أن تذمر الدرباوية من وجود سيارات مصرح لها في ظل الرفض لهم بالتعديل أمر غير مقبول، فتلك السيارات المعدلة لمجموعة من شباب عسير مشاركين في التنشيط السياحي ومشاركين في المناسبات الهامة وفق أطر معينة، ويأتي ذلك حرصاً من أمير عسير على شغل أوقات فراغ الشباب بإشراكهم في المناسبات، وأضاف شاركوا معنا في عدة فعاليات وبترتيب معنا. وبين اللواء الأحمدي أن رجال الأمن دخلوا بين “الدرباوية” كما فعلت مصادر لدراسة الظاهرة بواسطة مختصين، وعرفنا الكثير عنهم، وكل هذه الدراسات ما زالت تحت التحليل، ومن الواضح أن حب الشهرة والتميز أحد الأسباب، رافضا ادعاءات الدرباوية بوجود سطحات تابعة لرجال الأمن، مبينا أنها تتم وفق عقود رسمية، فيما لم يؤكد وجود مخدرات بين هؤلاء من عدمه مكتفيا بقوله: لم يسبق أن قبضنا على مخدرات، إنما لا نستبعد أن تكون متواجدة بينهم.

مصطلحات الدرباوية :
حكايم: سيارات الشرطة أو المرور.
الموجه: الشخص الذي يقوم بإرسال التوجيهات لكافة الجروب.
البين: البلاك بيري المسجل على الزجاج الخلفي للمركبة.
الهياط: إظهار شيء عكس الواقع.
الأرقام (707- 503 505) تشير إلى رموز قبلية متعارف عليها بين الدرباوية.

مصطلحات المفحطين

المنظم: الذي يحدد نوعية الاستعراض.
المعزز: شخص يرافق المفحط أثناء الفعالية.
الفني: يشارك في الميدان بمعداته من مفك عجل ورافعة سيارة، وإطارات جديدة.
المصورون: أشخاص مهمتهم تصوير الاستعراض والتفحيط.
المفجر: الذي يقوم بتفجير إطارات السيارة أثناء التفحيط.
الجمهور: مجموعة من المشاهدين للفعاليات.

الحلول:
طالب الشباب بمنحهم ساحة كبيرة بعيدة عن الأحياء السكنية من أجل الاستعراض بسياراتهم، بحضور رجال الأمن من أجل درء المشاكل وتنظيم الاستعراض بعيدا عن الضوضاء. وقال الموجه: لا أتوقع أن هناك حلا لهذه الظاهرة لأن الجروبات كثيرة، وأصبح التواصل عبر البلاك بيري يسيرا وسهلا، فيما أكد كثير من الشباب أن التوظيف سيحد من تجمعاتهم، وقال “الموجه” لو ترك المرور الشباب في حالهم لانصرفوا دون أي إزعاج، وطالب البعض منهم بمكان يمكن التجمع فيه، وليس لديهم اعتراض على وجود الأمن، ولكن لا يريدون التدخل في حياتهم الشخصية كسحب الجوال أو تكسير كاميراتنا.