عمليات تزوير ورشوة وراء هروب قاتل السعوديين الأربعة في النيجر
كشفت مباشرة اللجنة الأمنية السعودية المكلفة بالتحقيق والمتابعة في مقتل أربعة مواطنين في النيجر وإصابة اثنين آخرين، عن عمليات رشوة وتزوير تورط فيها قياديون في السجن، كانت وراء هروب المتهم الرئيس في هذه الجريمة، الحسن ولد محمد، الملقب بـ«الشيباني»، بجانب مؤشرات أبداها الجانب النيجري ترجح هروبه إلى أربع دول، خصوصا الجزائر ومالي، بحسب نتائج اجتماعات اللجنة بثلاثة وزراء في حكومة النيجر، هم وزراء الخارجية والداخلية والعدل، وذلك في اليوم الأول الذي باشرت فيه اللجنة مهامها أمس لتقصي المستجدات والتطورات الأخيرة.
وتشكلت اللجنة من عدة جهات حكومية، برئاسة وزارة الخارجية، إذ التقى رئيس اللجنة الوزير المفوض عبدالرحمن الشهري، وزير خارجية النيجر بالإنابة، ووزير العدل، والناطق باسم حكومة النيجر، بحضور سفير خادم الحرمين الشريفين لدى النيجر سعود بن عبدالعزيز الدايل، حيث أكد وزير الخارجية النيجرية أن بلاده مقدرة ومتفهمة لاستياء المملكة من هروب الشيباني من سجن نيامي قبل ثلاثة أسابيع، وأن حكومة النيجر محرجة من ذلك كثيرا.
وكشف وزير العدل في النيجر عن عمليات تزوير كانت عاملا بارزا في هروب الشيباني، حيث برر الموقف أمام اللجنة الأمنية السعودية بقوله: «لم أكن أعلم بوجود الشيباني في هذا السجن، إلا بعد هروبه منه، حيث كان قابعا في سجن (كولو) ذي الحراسة المشددة، وتم نقله بعد محاكمته العام الماضي إلى سجن نيامي المدني بناء على مستندات مزورة».
ورجح وزير العدل النيجري دور الرشوة في تمكين الشيباني من الهروب، كاشفا عن سلسلة من الإجراءات التنفيذية المفصلية بحق قياديين في السجن، حيث قال: «أعتقد بأن الشيباني قدم رشوة كبيرة إلى مدير السجن لتسهيل هروبه، لذا تم اعتقال مدير السجن ونائبه، وهما ضابطان برتبة نقيب، وتم الزج بهما في سجن تحت حراسة مشددة».
وبين وزير عدل النيجر أن حكومة بلاده اتخذت جملة من الإجراءات الكفيلة بالقبض على الشيباني، على حد وصفه، حيث قال مؤكدا: «تم فتح تحقيق حول تفاصيل الهروب مع المتهم الثاني هادي امساري، شقيق زوجة الشيباني، وهو لا يزال في السجن، كما تم طلب المساعدة من الإنتربول، وجرى توجيه نداء إلى السكان للتعاون مع السلطات في النيجر للقبض عليه، بعد أن تم نشر صورته في جميع الصحف والقنوات التلفزيونية، وتوزيعها على جميع مراكز الحدود، بجانب الإعلان عن جائزة مجزية لمن يقدم معلومات تقود إلى القبض عليه».
وأوضح أن رئيس الجمهورية قد شكل فريق طوارئ لمتابعة هذا الموضوع، إذ يجتمع مرة كل أسبوع مع مختلف الأطراف المعنية لمعرفة آخر التطورات المتعلقة بالتحقيق في هروب الشيباني والدول التي من المحتمل هروبه لها، مفصحا وزير عدل النيجر عن تسميتها، وهي مالي والجزائر وليبيا وبوركينا فاسو، ومؤكدا وجود اتصالات بين النيجر وهذه الدول في حال دخوله لأي منها.
الهروب إلى مالي والجزائر
وفي الشأن ذاته، رجح وزير الداخلية النيجري هروب الشيباني إلى مالي أو الجزائر، في لقاء آخر مع أعضاء اللجنة الأمنية السعودية، بحضور السفير الدايل أيضا، وقال الوزير: «إن مدير السجن الذي تم اعتقاله كان يقدم للسجين الشيباني تسهيلات خاصة، لا تتناسب مع كونه مجرما وسجينا»، وعزا ترجيحه هروب الشيباني إلى مالي أو الجزائر إلى وجود أفراد من قبيلته المسماة بـ«الكونتا» في كلتا الدولتين، فضلا عن وجود أملاك وعلاقات له فيهما.
وكان سفير المملكة في نيامي قد كشف عن مذكرة احتجاج واستنكار بعثت بها السفارة إلى الحكومة النيجرية في اليوم ذاته الذي أعلنت فيه الحكومة النيجرية هروب الشيباني، وذلك يوم الاثنين 24/07/1434هـ، وقال: «نحن نحمل الحكومة النيجرية مسؤولية هروب هذا السجين، والذي تلطخت يداه بدماء أربعة سعوديين أزهق أرواحهم أثناء تنزههم في رحلة صيد في 12/01/1431هـ الموافق 28/12/2009م»، مشددا على تمسك المملكة بإيقاع أقصى العقوبات بحق المدان بقتل السعوديين الأربعة، وقال: «نحن لم نقتنع أبدا بالحكم الصادر بحقه بسجنه 20 عاما، وقد اجتمعت قبل ثلاثة أشهر بوزير العدل النيجري، وسجلنا موقفا حاسما أمامه بمتابعة طلب الاستئناف الذي قدمته السفارة قبل عام، وتحديدا في 18 يونيو 2012م، وقد وعد الوزير حينها بالسعي لإنهاء هذا الملف وتطبيق أقصى العقوبات بحق المجرمين».
وكان أربعة سياح سعوديون قد قتلوا، وجرح اثنان يوم الاثنين 12/01/1431هـ، الموافق 28/12/2009م، في منطقة تيلا بيري (تبعد عن العاصمة نيامي 150 كيلومترا)، حيث كانوا في رحلة صيد برية، فداهمهم مسلحون أثناء أدائهم صلاة الفجر، وأطلقوا عليهم وابلا من الرصاص.