ولي العهد : شعب سوريا خُذل .. والإرهاب خطر على مجتمعاتنا
أكد الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع في قمة الكويت أن قضية فلسطين في مقدمة اهتماماتنا. وإن المجتمع الدولي خذل الشعب السوري وزاد معاناته. ويجب منح مقعد سورية في الجامعة العربية للمعارضة السورية. كما دعا إلى تغيير ميزان القوى على الأرض في الصراع السوري. وأضاف : إن ظاهرة الإرهاب مصدر خطر على أمن مجتمعاتنا وشعوبنا ومن الضروري اتخاذ موقف موحد ضدها.
كلمة ولي العهد خلال قمة الكويت
بسم الله الرحمن الرحيم .. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين .. الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة .. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو .. معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية .. الأخوة الحضور .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسمحوا لي في البداية أن أتشرف بنقل تحيات أخيكم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وتمنياته لمؤتمركم هذا بالنجاح والتوفيق وهو على ثقة تامة بأن حنكة وحكمة أخيه صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح كفيلة ـ بإذن الله ـ بنجاح هذه القمة.
أيها الإخوة .. نلتقي اليوم في خضم ظروف بالغة الدقة والحساسية، حيث تواجه منطقتنا العربية العديد من المخاطر والتحديات مما يستوجب معها تضافر جهودنا للتصدي لكل المحاولات الهادفة إلى زعزعة أمن واستقرار دولنا العربية .. ولن يتأتى هذا الأمر إلا بتسلحنا بالإرادة القوية والعزيمة الصلبة والصادقة والتنسيق الجماعي المتواصل بما يكفل وحده الرؤى وتجانسي المواقف والجدية اللازمة في التعامل مع التحديات الراهنة.
وتظل القضية الفلسطينية كما كانت دوما في مقدمة اهتماماتنا وانشغالاتنا على مر العقود المنصرمة. وإن موقف المملكة العربية السعودية هو ذات الموقف العربي الثابت حيال ضرورة أن تفضي أي مفاوضات أو جهود وبأي شكل من الأشكال إلى تحقيق سلام شامل وعادل يمكن الشعب الفلسطيني من استرداد حقوقه المشروعة وفق مقررات الشرعية الدولية. وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعلى أساس رفض ما تتعرض له مدينة القدس من خطط تسعى لتهويدها وما يتعرض له المسجد الأقصى المبارك ومحيطه من أخطار محدقة. ويستدعي ذلك من المجتمع الدولي الوقوف بصرامة أمام الممارسات الإسرائيلية التي تقوض أي أمل تجاه الوصول للسلام المنشود بما في ذلك استمرار النشاط الإسرائيلي في بناء المستعمرات والإصرار على يهودية إسرائيل ومواصلة انتهاك أبسط حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة على أرضه ووطنه.
أيها الإخوة .. يأتي انعقاد هذه القمة بعد تعثر مؤتمر جنيف (2) في التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية التي مضى عليها أكثر من ثلاث سنوات دفع ثمنها الشعب السوري دماءا وأرواحا ودمارا شاملا عم كل أرجاء سوريا التي تتحول تدريجياً إلى ساحة مفتوحة يمارس فيها كل صنوف القتل والتدمير على يد نظام جائر يساعده في ذلك أطراف خارجية وجماعات إرهابية مسلحة وفدت للساحة السورية من كل حدب وصوب ويواجه كل هذه التحديات مقاومة سورية مشروعة خذلها المجتمع الدولي وتركها فريسة لقوى غاشمة حالت دون تحقيق طموحات شعب سوريا النبيل في العيش بحرية وكرامة .. وقد ترتب على ذلك حصول كارثة إنسانية رهيبة أصابت ما يقارب من نصف سكان سوريا ويتعرضون حالياً لمعاناة الهجرة والنزوح واللجوء.
إن الجهود المبذولة حتى الآن على صعيد التخفيف من المعاناة الإنسانية للسوريين بما في ذلك مؤتمرات المانحين وقرار مجلس الأمن رقم (2139) يمكن أن تحقق شيئاً من ذلك غير أن الخروج من المأزق السوري يتطلب تحقيق تغيير في ميزان القوى على الأرض ومنح الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ما يستحقونه من دعم ومساندة باعتباره الممثل الشرعي للشعب السوري إذ أننا نستغرب كيف لا نرى وفد الائتلاف يحتل مكانة الطبيعي في مقعد سوريا، خاصة وأنه قد منح هذا الحق في قمة الدوحة من قبل القمة العربية ونأمل أن يتم تصحيح هذا الوضع. . إن اتخاذ القرار من شأنه أن يبعث برسالة قوية للمجتمع الدولي لكي يغير أسلوب تعامله مع الأزمة السورية.
أيها الإخوة .. إن ظاهرة الإرهاب التي يشهدها عالمنا المعاصر ومنطقتنا على نحو خاص وما تشكله من تحد خطير لأمننا واستقرارنا ومسار تنميتنا تستدعي منا أخذ الحيطة والتدابير اللازمة لمكافحتها واستئصال جذورها. ومن أهم ملامح هذه الظاهرة بروز بعض المنظمات والمجموعات المتطرفة وما تدعيه بطلانا باسم الإسلام والمسلمين ، مما ينخدع به بكل أسف البعض إلى الحد الذي أصبحت معه هذه الظاهرة مصدراً خطيراً وكبيراً على أمن واستقرار بلداننا وشعوبنا بل ووسيلة لزرع الفوضى والتفرقة والفتنة الأمر الذي يستوجب معه بذل الجهد الجماعي واتخاذ موقف موحد ومشترك للتصدي لهذا الخطر المحدق بنا جميعا واتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بمكافحتها ومن هذا المنطلق فإن المملكة العربية السعودية تدين بشدة كافة الأعمال الإرهابية أيا كان مصدرها ولن تألو جهداً من جانبها في مواصلة التصدي لهذه الآفة المقيتة، من خلال إصدار الأنظمة والإجراءات المجرمة للإرهاب وأصحاب الفكر الضال والتنظيمات التي تقف خلفه.
أيها الإخوة .. لقد أصبح من المسلم به أن أمن واستقرار المنطقة لا يأتي عن طريق السعي نحو امتلاك الأسلحة الفتاكة حيث إن الحصول عليها وامتلاكها يشكل مصدر خطر مؤكد على أمن المنطقة واستقرارها في الوقت الذي تكون فيه أكثر ما تحتاج إليه منطقتنا هو إقامة علاقات طبيعية تسودها الثقة والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى وحل الخلافات بالطرق السلمية.
أيها الإخوة .. إننا نرى في هذه القمة فرصة للتعبير عن تأييدنا للخطوات الجارية التي اتخذتها بعض الدول العربية الشقيقة من أجل تحقيق الاستقرار السياسي والأمني حيث نقدم التهنئة للأخوة في جمهورية مصر العربية على نتيجة الاستفتاء على الدستور التي جسدت لحمة الشعب المصري ووحدته وعبرت عن إرادته الحرة الأبية والتهنئة موصولة للأشقاء في الجمهورية التونسية على إنجاز الدستور التونسي كما أهنئ الأخوة في اليمن الشقيق على نجاح مؤتمر الحوار الوطني وفق المبادرة الخليجية متمنياً لليمن الأمن والاستقرار والازدهار في ظل سيادته ووحدته الوطنية والإقليمية ولا يفوتني أن أهنئ الشعب اللبناني على توفيقه في تشكيل حكومته آملا أن يكون ذلك مدخلا لتوطيد الأمن والاستقرار وبسط سلطة الدولة الشرعية في ربوع لبنان الشقيق متمنيا نجاح جهود الشعب الليبي في تجاوز مرحلة بلاده الانتقالية.
وفي الختام أتطلع إلى أن يصدر عن قمة الكويت ما يساعد كل الدول العربية الأشقاء على تجاوز صعوباتها الراهنة وأدعو المولى القدير أن يحقق لامتنا العربية ما نتمناه لها جميعاً من الاستقرار والنماء والازدهار . إنه سميع مجيب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أمير الكويت يدعو في افتتاح القمة العربية الى نبذ الخلافات بين الدول الاعضاء
ألقى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت كلمة قدم في مستهلها الشكر للجميع على تلبيتهم الدعوة لحضور القمة. وأشاد بالجهود التي بذلتها دولة قطر ومتابعتها الحثيثة لأعمال القمة في دورتها السابقة وما نتج عنها من قرارات أسهمت في دعم العمل العربي المشترك.
وقال : تنعقد أعمال قمتنا هذه في ظل استمرار الظروف الدقيقة والصعبة التي يمر بها العالم ومنطقتنا وما تمثله من تزايد في التحديات والمخاطر التي نواجهها مما يفرض علينا مسؤوليات جسام في بذل مزيد من الجهد وتكثيف المشاورات لمراجعة وتقييم ما تم اتخاذه من إجراءات واستشراف لآفاق المستقبل لتحديد مسارات تضمن لنا النهوض بعملنا العربي المشترك والارتقاء به إلى مستوى الطموح بما يحقق آمال وتطلعات شعوبنا في الأمن والرخاء والازدهار.
وأكد أن الجميع مدعوون اليوم إلى البحث في الأسس التي ينطلق منها العمل العربي المشترك وإيجاد السبل الكفيلة بتعزيزه وتوطيد دعائمه من خلال النأي به عن أجواء الخلاف والاختلاف والتركيز على عوامل الجمع في هذا العمل. مشيرا إلى أن النجاح الكبير الذي حققته القمم الاقتصادية العربية لامست نتائجه احتياجات أبناء هذه الأمة وعملت على تحقيقها يؤكد سلامة التوجه ودقة الرؤية وصواب التفكير الأمر الذي يحتم على الجميع البحث عن آفاق أخرى جامعة تعزز الوحدة وتقرب الشعوب.
ودعا إلى وقفة صادقة وجهد مخلص إلى إنهاء الخلافات التي اتسع نطاقها في الأمة العربية وباتت تعصف بالوجود والقيم والآمال والتطلعات ، مشيرًا إلى أن الجميع مطالب بنبذ هذه الخلافات والسعي الجاد لوحدة الصف وتوحيد الكلمة والعمل معا في إطار ما يجمع الكل ويتجاوز التباعد كالأخطار الكبيرة بهدف الوصول إلى عمل عربي مشترك يلبي مستوى الطموح.
وقال “ندرك أن عملنا العربي المشترك لا يمكن له أن يستقيم دون أن نحقق معدلات التنمية والمستدامة التي ننشدها لشعوبنا التي تواجه تحديات جمة لعل في مقدمتها ما سيشهده العالم من شح في المياه الأمر الذي يجعلنا مطالبين ببحث دراسة ومصادر توفير هذا العنصر المهم وتعزيزها بما يضمن استمرار تدفقها وإبعاد شبح الصراع والتوتر عن عالمنا الذي توحي به وللأسف مؤثرات عديدة.
وحيال ظاهرة الإرهاب أكد أمير الكويت أن الجميع يعاني من هذه الظاهرة التي تصاعدت مؤخرا تحت ذرائع وشعارات مختلفة دينية وعقائدية تهدف إلى قتل الأرواح البريئة وترويع الآمنين وتعطيل التنمية والمستهدف هو أمن العالم واستقراره والبشرية كيانا والمكتسبات وقال : إننا مطالبون بمضاعفة جهودنا والانضمام إلى ركب الجهود الدولية الرامية لوأد هذه الظاهرة الخطيرة مهما كان شكلها أو هدفها أو مصدرها وتخليص البشرية من شرورها لينعم العالم بالأمن والاستقرار.
وعن الأزمة السورية قال سمو أمير دولة الكويت : تدخل الكارثة الإنسانية في سوريا عامها الرابع حاصدة عشرات الآلاف من الضحايا الابرياء من الاشقاء مدمرة كافة مظاهر الحياة ومهجرة ما يقارب النصف من تعداد سكان سوريا في ظروف قاسيه في كارثة هي الأكبر في تاريخنا المعاصر “. مشيرًا إلى التقرير الأخير الذي اطلقته منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونسيف الذي أكد أن الكارثة في سوريا قد تسببت في ضياع جيل كامل.
وأضاف : إننا امام واقع أليم وكارثة إنسانية واخلاقية وقانونية لن تجدي معها عبارات التنديد ولن تنهيها كلمات الالم والحسرة والخطر محدق والخسائر جسيمه ويخطئ من يعتقد أنه بعيد عن آثارها المدمرة والأيام اثبتت بأن خطر هذا النزاع المدمر قد تجازو الحدود السورية والإقليمية ليهدد الأمن والاستقرار في العالم. مجددًا دعوة مجلس الأمن الدولي ليعيد للعالم مصداقيته كونه الجهة المناط به حفظ السلم والأمن الدوليين وأن يسمو أعضائه فوق خلافاتهم ليتمكنوا من الوصول الى وضع حدا لهذه الكارثة.
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية قال أمير دولة الكويت : لازالت العقلية الاسرائيلية الرافضة للسلام والمقوضة لكافة الجهود التي تبذل لانجاح مسيرته تقف عائقا أمام تحقيق أهداف هذه المسيرة التي نتطلع إليها ، مؤكدًا أن السلام العادل والشامل في المنطقة الذي يتطلع إليه الجميع لن يتحقق إلا من خلال قيام الدولة الفسطينية المستقله وعاصمتها القدس وفق مبادئ وقرارات الشرعية الدولية ومبدأ الارض مقابل السلام ومبادرة السلام العربية.
وجدد الدعوة إلى الاطراف الدولية المعنية بعملية السلام في الشرق الاوسط لتحمل مسؤولياتها والضغط على اسرائيل لحملها على الانصياع لكافة قرارات الشرعية الدولية ووقف الاستيطان. مشيدا في هذا الصدد بجهد الولايات المتحدة الامريكية ودورها في استئناف التفاوض في عملية السلام في الشرق الاوسط.
كما جدد سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الدعوة إلى ايران لمواصلة تنفيذ التعهدات الواردة في الاتفاق المبدئي الذي وقع وتضمن خطة العمل المشترك التي وقعتها مجموعه 5 + 1 في 24 نوفمبر 2013 باشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية وذلك لتبديد القلق لدى دول المنطقة في شأن برنامجها النووي وبما يعزز ثقة المجتمع الدولى ويبعد كافة مظاهر التوتر عن منطقتنا لننعم بالاستقرار ونركز جهودنا في تحقيق تطلعات شعوبنا.
وهنأ الأشقاء في اليمن على ما حققه مؤتمر الحوار الوطني من توافق وطني وعده خطوة ضرورية في هذه المرحلة الدقيقة لتسهم بإذن الله في تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار الذي يأتي منسجمًا مع أهداف المبادرة الخليجية المجسده للحرص على وحده الجمهورية اليمنية واحترام خيارات شعبها الشقق.
كما هنأ الاشقاء في جمهورية مصر العربية على ما تحقق من خطوات مهمه في تنفيذ خارطة طريق لما يحقق الأمن والاستقرار في ربوع هذا البلد العزيز ليعود لممارسة دورها الرائد تجاه قضايا الأمة العربية. متمنيا لهم التوفيق والسداد في تحقيق تطلعات شعبها الشقيق في الاستقرار والازدهار.
وهنأ الاشقاء في لبنان على تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة التي تأتي استحقاقا مهما في هذه الظروف الدقيقة لتتمكن من ممارسة مهامها في كل ما من شأنه استقرار لبنان وتحقيق تطلعات شعبها الشقيق. وأعرب عن تهنئته للاشقاء في تونس على اقرار الدستور الجديد ليرسم مرحلة جديدة تجسد حرص الاشقاء على تحقيق الاستقرار والتمسك بالديمقراطية والعمل على ازدهار البلد وتنميته.>>>