الأخبار المحلية

“نيويورك تايمز” تُحذِّر الكونجرس من مقاضاة المملكة

عددت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية الأضرار التي قد تطال الولايات المتحدة نفسها من تمرير قانون مقاضاة المملكة لصلات مزعومة بأحداث هجمات سبتمبر، مطالبة في مقال لاثنين من أساتذة القانون بعدم الاستمرار في هذا المسار، والبحث عن بدائل أخرى لتعويض أسر الضحايا.

وكتب كورتيس برادلي، أستاذ القانون بجامعة ديوك، وجاك جولد سميث أستاذ القانون بجامعة هارفارد وزميل بارز في معهد هوفر، المقال الذي نشر في الصحيفة الجمعة (22 أبريل 2016) بعنوان “لا تدع الأمريكيين يقاضون المملكة العربية السعودية”، مشددين على أن هناك عواقب قانونية وخيمة تنتظر الولايات المتحدة في حال تمرير قانون مقاضاة المملكة.

وأضافت الصحيفة أن “هناك الكثير من النقاش حول ما إذا كان مشروع قانون مزمع عرضه على الكونجرس الأمريكي يهدف إلى مقاضاة السعودية لصلاتها المزعومة بمنفذي هجمات 11/9 من شأنه أن يضر على نحو غير ملائم بالعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين البلدين. إلا أن الأهم من ذاك أن احتمالات الضرر الذي ربما يصيب الولايات المتحدة جراء هذا المشروع يمتد إلى ما هو أبعد من العلاقات الثنائية مع حليف واحد”.

وتابعت: أن هذا القانون ينتهك المبدأ الأساسي للقانون الدولي، وذلك من شأنه أن يعرض للخطر فعالية المساعدات الخارجية الأمريكية، وشرعية تصرفات الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب، حيث إن تحصين دولة من الدعاوى القضائية في محاكم دولة أخرى هو إحدى الركائز الأساسية للقانون الدولي. ويستند هذا المبدأ على فكرة أن الدول ذات السيادة المتساوية يجب عدم استخدام محاكمها لمقاضاة دولة أخرى.

وقالت: إن العديد من الدول وافقت ضمنيًّا على تقليص الحصانة في سياقات محددة، مثلا عندما تنخرط هذه الدول مع بعضها في بعض الأنشطة التجارية. ولكن بغض النظر عن تلك الاستثناءات (مثل معاهدة ملزمة أو قرار مجلس الأمن)، فإن القانون الدولي مستمر في توفير الحصانة، حتى بالنسبة لمزاعم ارتكاب جرائم فظيعة. لا توجد أمة تستفيد من هذا الترتيب اكثر من الولايات المتحدة، التي تقوم بالكثير وبكثير النشاطات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية في الخارج أكثر من أي دولة أخرى في العالم.

وأوضحت “نيويورك تايمز” بقولها إنه “في حال تقليص الحصانة السيادية للدولة، فإن الولايات المتحدة تكون عرضة للعديد من الدعاوى القضائية في محاكم أجنبية بدول أخرى، وسوف تصبح الولايات المتحدة هدفًا جذابًا ورفيع المستوى للتقاضي المسيس الذي تم تصميمه للتنافس في السياسة الخارجية. لهذا السبب، قاومت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة إجراءات من قبل دول أخرى، من شأنها أن تؤدي إلى تآكل الحصانة في القانون”.

وقالت الصحيفة إن الكونجرس يسعى الآن لفعل ذلك، وفي الوقت الذي لا يزال يجري فيه التفاوض على الصياغة الدقيقة، فإن مشروع القانون في هذه المسألة سيخلق استثناء من الحصانة للدعاوى المدنية للدول الأجنبية بتهمة تسهيل الهجمات الإرهابية في الولايات المتحدة، مشيرةً إلى أن أحد الأسباب الهامة لمنح الحصانة للحكومات الأجنبية في المحاكم الأمريكية، كما هو الحال في المحكمة العليا وأوضح ذات مرة: “المصلحة الذاتية المتبادلة”. وأضاف: “إذا تم تقليل الحصانة التي تمنحها الولايات المتحدة لدول أخرى، يعرض الولايات المتحدة للشيء نفسه في الخارج”.

وأوضحت أنه قد يبدو أن الولايات المتحدة ليست لديها مخاوف بشأن الدعاوى القضائية في الخارج في ما يتعلق بالهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر. ولكن كلمة الإرهاب هي في حد ذاتها، ستؤدي إلى اللجوء إلى مبدأ المعاملة بالمثل.

وتابعت الصحيفة أنه بناءً على ذلك سيكون من السهل تخيل أن الولايات المتحدة سيتم مقاضاتها بشكل كبير في دول أخرى كنتيجة لتدخلها العسكري والمساعدات التي تقدمها لدول أخرى. على سبيل المثال، من السهل أن نتصور الولايات المتحدة مقاضاتها في الخارج نتيجة المساعدات الخارجية العسكرية وغيرها لأنه يعطي الكثير من الدول.

وأضافت “نيويورك تايمز” أن هناك قدرًا كبيرًا من السلوك الذي يُمكن إرجاعه إلى الدعم المالي والمادي الأمريكي. على سبيل المثال، المساعدات لإسرائيل التي تتسبب في تشريد وقتل الفلسطينيين في الضفة الغربية، أو الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة للمتمردين المتهمين بمهاجمة المدنيين في سوريا، فقد يؤدي ذلك إلى رفع دعوى قضائية في الخارج تحت بند أن واشنطن تدعم الإرهاب وتحرض عليه.

ليس هذا فحسب، بل إن الضربات العسكرية التي تنفذها الولايات المتحدة ضد القاعدة والجماعات العسكرية التي ترتبط بها وتنظيم “داعش” هي محل خلاف قانوني كبير، ويرى كثيرون أن هذه الممارسات خصوصًا عندما ينتج عنها ضحايا مدنيون، هي نوع من الإرهاب وانتهاك للقانون الدولي.

وأضافت الصحيفة أن الدعاوى حول هذه المسائل من جانب مدعين أجانب في محاكم أجنبية، يمكن أن تكون مضرة سياسيًّا وماليًّا، ويمكن أن تنتج أحكامًا قانونية حول عمل عسكري مناسب، من الممكن أن يختلف كثيرًا عن المبادئ التي على الولايات المتحدة وحلفائها احتضانها الآن.

وطالبت الصحيفة الكونجرس بالبحث عن خيارات اخرى، منها تعويض ضحايا هجمات سبتمبر، وكذلك التحقيق في الهجمات نفيها، كما يمكن تفويض هذه المهام الهامة لمدعين خصوصيين، حيث إن تولي الكونجرس نفسه هذه المهمة سيؤدي إلى ضرر كبير للولايات المتحدة خاصة بأنشطتها الخارجية.
..