الداخلية» أنفقت على المسجونين لديها في قضايا إرهابية وأسرهم أكثر من 400 مليون ريال
[B][COLOR=green]صحيفةطبرجل الإخبارية-الرياض[/COLOR][/B]
اكد مدير عام الإدارة العامة للشؤون القانونية والتعاون الدولي بوزارة الداخلية الدكتور عبد الله بن فخري الأنصاري أن وزارة الداخلية بالمملكة قد أنفقت على المسجونين لديها في قضايا إرهابية وأسرهم ما يفوق 400 مليون ريال على مدار السنوات الماضية. وقال ان الخبراء المعنيين وأسر السجناء اشاروا إلى التأثير الإيجابي لبرنامج “الرعاية” كما تبين ذلك من خلال تغيّر سلوك السجناء واعترافهم بأخطائهم، حيث أن نسبة 90% من الأشخاص الذين شاركوا في هذه البرامج تخلوا عن آرائهم المنحرفة، وأما أولئك الذين عادوا لنشاطاتهم السابقة فهم قلة قليلة لا تتجاوز نسبتهم من المعتقلين العائدين من جوانتنامو نسبة 10% ومن غيرهم لا تتجاوز نسبتهم 1%.
جاء ذلك في معرض الحديث عن استقصاء أفضل الممارسات المعتمدة لدى الأمم المتحدة وغيرها في مجال معاملة السجناء في نظام العدالة الجنائية قدمت المملكة لمؤتمر الأمم المتحدة الثاني عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية الذي تستضيفه حكومة البرازيل في مدينة سلفادور في الورقة الوطنية تحت عنوان “أنظمة وممارسات المملكة فيما يتصل بالأشخاص الموقوفين في قضايا الإرهاب، والبرامج الإصلاحية التي تقدم لهم” وألقاها الدكتور الانصاري في المؤتمر لخص في كلمته تجربة المملكة فيما يتصل بإعادة تأهيل الأشخاص الموقوفين في قضايا الإرهاب بشكل خاص والتي أتت بنتائج إيجابية كبيرة، كان لها الفضل الكبير في تقليص درجة التهديد الأمني التي كان سيشكلها هؤلاء فيما لو لم يخضعوا للبرامج التأهيلية التي وضعتها حكومة المملكة ضمن هذا الإطار.
وأوضح الدكتور الأنصاري أن المملكة أولت اهتماماً كبيراً للجانب الإنساني خلال اتخاذها لإجراءاتها وتدابيرها في مجال مكافحة الإرهاب، لما لذلك من أثر نفسي كبير على الأشخاص الموقوفين في قضايا إرهابية، وتفاعلهم الإيجابي مع المعالجة الفكرية التي تتم من خلال لجنة المناصحة وبرنامج الرعاية اللذين تنفذهما وزارة الداخلية.
وأكد الدكتور الأنصاري أن جميع الموقوفين بالمملكة سواءً في قضايا إرهابية أو خلافها يتمتعون بالضمانات القانونية التي تكفلها الأنظمة العدلية في المملكة والتي تتفق مع المعايير الدولية بهذا الخصوص، وتوازن بين متطلبات الأمن الوطني للمملكة والحقوق الإنسانية والمدنية للشخص الموقوف، وضمان الشفافية الملائمة والضمانات وآليات المساءلة. كما أكد أن التشريعات بالمملكة تحرم ممارسة التعذيب بجميع أشكاله وتعاقب مرتكبيه، وأن المملكة تتخذ إجراءات التأديب ضد الموظفين المدنيين والعسكريين الذين يباشرون أي عدوان على مسجونين أو موقوفين وذلك مع عدم الإخلال بتوقيع العقوبات الجزائية عليهم في الأحوال التي يكون الاعتداء فيها جريمة.
ولتطبيق مبدأ حق السجين في السلامة الجسدية والمعنوية أوضح الدكتور الأنصاري أن الدولة أناطت مهمة الإشراف على السجون ودور التوقيف إلى جهة مستقلة. وهذا ما هو متبع في المملكة حيث تتولى هيئة مستقلة (هيئة التحقيق والادعاء العام) التحقيق في الجرائم وإقامة الادعاء فيها، والإشراف على دور التوقيف والسجون، وتنفيذ الأحكام بموجب المادة رقم (3) من نظامها الصادر في عام 1989م. وهذا ينطبق نظاماً بحق جميع الأشخاص الموقوفين سواءً في قضايا إرهابية أو خلافها.
وأضاف الدكتور الأنصاري أن من أفضل الممارسات في مجال معاملة السجناء الاهتمام باحتياجات أسر الأشخاص الموقوفين المادية والمعنوية، لتأكيد تعاطف الدولة مع هذه الأسر واحتياجاتها ، وأنها فعلا تهتم بإصلاح أبنائها الذين وقعوا في براثن التنظيمات الإرهابية، وحتى لا يترك المجال لأعضاء تلك التنظيمات أو المتعاطفين معها لتقديم المساعدة لتلك الأسر، واستغلال احتياجاتها المادية في سبيل تجنيد المزيد من أفراد الأسرة. ومن بين خطوات وإجراءات المملكة بهذا الخصوص ترتيب مقابلات فردية وجماعية وبشكل شبه يومي بين صاحب السمو الملكي مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية وبين ذوي الموقوفين وذلك للإجابة على تساؤلاتهم، والاستماع إلى مشكلاتهم وتلمس احتياجاتهم، وإنشاء مكتب بوزارة الداخلية (مكتب التنسيق) تحت رئاسة دكتور متخصص في علم النفس، ويعاونه أكثر من (18) موظفاً متخصصاً في العلاقات العامة، وعلم النفس، وأصول الدين، والثقافة الإسلامية، يعملون في متابعة حالات الموقوفين وأسرهم وإعلامهم بأسباب إيقاف ابنهم، ومكان إيقافه، والعلاج الطبي لأسرة الموقوف في داخل المملكة وخارجها، وحل مشكلات الموقفين وذويهم، والمطلق سراحهم من تزويج، وتوظيف، وإكمال التعليم، ومتابعة الحالات الخاصة وعلاجها من قبل الاختصاصيين النفسيين، والاجتماعيين، لتحقيق إعادة التوافق النفسي والاجتماعي للموقوفين والمطلق سراحهم لئلا يعودوا إلى الخطأ مرة أخرى، والسماح لذوي الموقوفين بزيارته عند الضرورة (في غير وقت الزيارة المحددة)، وإمكانية نقل الموقوف من مكان توقيفه إلى أقرب مكان توقيف لذويه حسب طلبهم تسهيلاً لهم عند الزيارة، وتقديم مساعدات مالية مختلفة، تُصرف لذوي الموقوف لإعانتهم مادياً بما يضمن لهم كرم العيش، وعدم العوز.
وفيما يتعلق بالحقوق الشخصية للموقوفين فقد أكد الدكتور الأنصاري أن الدولة راعت النواحي الإنسانية للموقوفين شخصياً، وذلك من حيث عدم الفصل من العمل أو قطع الدراسة بسبب إيقافه، بل تشجيعهم على إكمال دراستهم طيلة مدة الإيقاف، والسماح للموقوف بالخروج في ظروف وفاة أحد الأقارب أو لحضور زواج أحد أفراد عائلته أو أقاربه ومشاركتهم أفراحهم، أو لإتمام زواجه مع التكفل بالمهر والمصاريف المختلفة، والسماح للمتزوج بزيارة زوجته له وعدم حرمانه من الحقوق الزوجية الخاصة، وتسديد ديون الموقوف المالية بعد حصرها ومتابعتها. وفيما يتعلق بالمطلق سراحهم فتقدم الدولة مساعدات مالية تعينهم في بدء حياة سليمة يستقرون معها نفسياً واجتماعياً، وتساعدهم في عدم العودة إلى طريق الخطأ مرة أخرى، واستمرار صرف رواتب لهم ولأسرهم لمدد محددة، حتى يتوافقوا مادياً ومعنوياً مع حياتهم الجديدة والى أن يتمكن الموقوف من إيجاد العمل المناسب، مساعدتهم في أمور زواجهم مادياً ومعنوياً. أما المعتقلون العائدون من جوانتنامو فيتم تقديم راتب شهري منتظم لتأمين وضعهم المعيشي والحياتي، ومتابعة عملية استقرارهم وتوافقهم الاجتماعي، من خلال تقديم المساعدات المالية، أو العلاج لهم ولذويهم في المكان المناسب، أو توفير السكن، أو وسيلة مواصلات، أو الوظيفة، بالإضافة إلى دفع جميع تكاليف الزواج مصاريفه، والتواصل المستمر مع المطلق سراحهم وتلبية احتياجاتهم النفسية والمعنوية وحل مشاكلهم الاجتماعية والإجابة على أي تساؤلات يحملونها.
كما شدد الدكتور الأنصاري على أن السلطات المختصة تسعى دوما إلى راحة الموقوفين، وطمأنة أسرهم بشأن ظروف التوقيف، وتهيئة كافة الأجواء الإنسانية اللازمة وبما يتفق والمعايير الدولية في هذا الجانب. لذا أنشأت المملكة خمسة مراكز إيقاف حديثة تم بناؤها في خمس مناطق متفرقة من أراضي المملكة شيدت وفق أحدث المواصفات العالمية، وبلغت قيمة إنشائها أكثر من 1,7 مليار ريال سعودي، توفر فيها متطلبات السلامة والراحة وأماكن الترفية والمكتبة وساحات خاصة بالتشميس والرياضة، ووسائل الاتصال مع المشرفين عليهم. كما يوجد في كل مركز من هذه المراكز مستشفى طبي حديث يحتوي على احدث المعدات الطبية، كما يتم استقبال ذوي الموقوفين، وعمل الترتيبات المطلوبة ، مثل: تأمين تذاكر السفر ، والإقامة للقادمين من مناطق المملكة المختلفة من غير القادرين على تحمل تكاليف السفر لزيارة الموقوفين. كما يتم إبلاغ قنصليات الرعايا الأجانب المعتقلين أو سفاراتهم، دائماً، بإيقاف مواطنيها والسماح لها بالاتصال بهم وترتيب الزيارات المتكررة لهم، حيث بلغ العدد الكلي للزيارات التي تم استقبالها في الخمسة مراكز إيقاف (243,100) زائر في العام الماضي (1430ه – 2009م). ورغبة في إشعار الموقوف وأسرته بالأمن والاطمئنان، وحماية لحقوق الموقوف الإنسانية فقد تم تجهيز كل مركز من مراكز التوقيف بما يزيد على ألف وخمسمائة كاميرا لرصد المعاملة التي يتلقاها الموقوفون من المشرفين عليهم. وفي حال ورود أي شكوى من أي موقوف أو أسرته أو من يمثلهم ولها علاقة بسوء معاملة، فيتم – وبشكل فوري – تشكيل فريق عمل يجتمع بأطراف الشكوى ويتم الإطلاع على أشرطة التسجيل للتأكد بأنفسهم إن كان هناك أي مخالفات أو سوء في المعاملة. وأضاف الدكتور الأنصاري أن توفير المكان والظروف الإنسانية المناسبة قد لا تكون كافية لإعادة تأهيل الموقوفين خاصة ممن يحملون أفكارا متطرفة فقد تم استحداث برامج فكرية متعددة لمواجهة تلك الأفكار المتطرفة من خلال الحوار والإقناع ضمن أجواء أخوية وإنسانية، ومن أهم هذه البرامج “لجنة المناصحة” وتضم هذه اللجنة ثلاث لجان فرعية تختص بالجوانب الدينية والنفسية والاجتماعية والأمنية ويشارك فيها أكثر من المائة متخصص في العلوم الشرعية ممن يحملون درجات علمية عالية معظمهم من أساتذة الجامعات، وقرابة ثلاثين طبيباً نفسياً واختصاصياً نفسياً واجتماعياً، وعدد آخر من الأمنيين لمناصحة الموقوفين من الناحية الشرعية والفقهية والنفسية والاجتماعية، ومناقشتهم في أماكن توقيفهم بطريقة حوارية، وفي أجواء أخوية وإنسانية تعتمد على الإقناع والمنطق، وذلك فيما يحملونه من أفكار منحرفة وشبهات حول العديد من القضايا المتعلقة بالتكفير، والجهاد، ومعاملة غير المسلمين، وغيرها من التصورات الخاطئة المتشددة والتي عادة ما تؤدي وتحرض على العنف ضد الآخر المخالف، وذلك من خلال دحضها والرد عليها بالأساليب الشرعية والعلمية، وإيضاح ما يمكن إيضاحه بهذا الخصوص. وأضاف الدكتور الأنصاري أن من أهم البرامج في مجال معاملة السجناء في المملكة هو “برنامج الرعاية” وهو برنامج يهدف لتصحيح الأفكار الخاطئة التي قد يحملها المستفيد قبل أن ينتقل إلى العيش في المجتمع مرة أخرى، وفي نفس الوقت يقوم بتهيئة المستفيدين نفسياً واجتماعياً وفكرياً للتوافق مع أنفسهم ومع مجتمعهم وذلك من خلال (مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية)، وهو عبارة عن مبنى يحتوي على جميع التجهيزات السكنية والترفيهية والدراسية ينتقل إليه الموقوف قبل أن ينتقل إلى المجتمع بصورة نهائية، ويطلق على المشاركين في هذا البرنامج المستفيدون. وتعود فكرة البرنامج إلى صاحب السمو الملكي مساعد وزير الداخلية الذي أسسها بهدف تصحيح المفاهيم الخاطئة لدى الموقوفين، وتحصينهم ضد الأفكار المنحرفة، وزيادة فاعليتهم في المجتمع من خلال برامج متعددة تساعد المستفيد من البرنامج في التغلب على مشكلاته، وإكسابه الثقة في نفسه للعمل والإنتاج مستقبلاً. كما أن برنامج الرعاية يسعى من خلال خططه إلى إيجاد جو إنساني أخوي يتم من خلاله التعرف على شخصية المستفيد، والعناية بها عن طريق توثيق الروابط الأخوية بين القائمين على البرنامج والمستفيدين منه، ويتم من خلاله العناية بتأصيل العلم الشرعي، وبث المنهج الوسطي في التخاطب والتعامل لتهيئة الموقوف نفسياً للتعامل مع الآخرين. ويحتوي البرنامج على أكثر من ثمانية برامج وهي البرنامج الشرعي ويُعنى بعقد اللقاءات الحوارية والدورات الشرعية مع المختصين، والبرنامج الثقافي ويعتني بالجوانب العلمية والمعرفية والتاريخية التي تمس قضايا المستفيد، وتغذي الجوانب المعرفية والوطنية لديهم عن طريق الحوار والاطلاع، والبرنامج الاجتماعي ويهدف إلى تعزيز الصلة الاجتماعية للمستفيد بنفسه وبمجتمعه عن طريق لقاءات ومحاضرات يقدمها ذوو الاختصاص. كما يهدف إلى إعانته للتغلب على ما يسمى بالوصمة الاجتماعية (Social Stigma) ومساعدته للاندماج في المجتمع، والبرنامج النفسي ويقوم به عدد من المختصين، ويهدف إلى التعرف على شخصية المستفيد، وتقويم أوضاعه النفسية، ومساعدته، والتخفيف من معاناته ان كان في حاجة لذلك، والبرنامج التدريبي والذي يقدم للمستفيد برامج تساعده في بناء شخصيته، وتعزيز الثقة فيها مما يسهل عليه عملية الاندماج في مجتمعه، والتغلب على مشكلاته، والبرنامج الطبي لتقديم الرعاية الطبية الكاملة للمستفيدين من المركز بإشراف أطباء مختصين، والبرنامج الرياضي وهو برنامج ترفيهي بمشاركة المشرفين على البرنامج، تمارس فيه الألعاب الرياضية المختلفة، بهدف تعزيز العلاقة بين المستفيدين والمشرفين، بالإضافة الى برامج أخرى كالبرنامج الفني.
وأوضح الدكتور الأنصاري أن برنامج الرعاية من خلال مركز (محمد بن نايف للمناصحة والرعاية) اكتسب شهرة عالمية، وذلك لتميزه في إعادة تأهيل الموقوفين في قضايا لها علاقة بالإرهاب وأبدت العديد من الدول رغبتها في دعم أي دولة ترغب في إنشاء مثل هذا المركز، والاستفادة من التجربة السعودية ذات البعد الفكري والإنساني، وأن هناك توجها للاستفادة من البرامج التي تبنتها المملكة لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف في مكافحة عدد من الجرائم المنظمة عبر الوطنية كتجارة المخدرات والاتجار بالبشر