ما هي أسباب اندلاع المظاهرات في إيران؟ وأين بدأت؟ وماذا قالت أميركا عن احتجاجات الشعب الإيراني؟
بعد ليلة جديدة من التظاهرات المعارضة للنظام في إيران، دعا وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي، الأحد، إلى عدم المشاركة في التجمعات غير القانونية مشيراً إلى أن المحتجين يخلقون المشكلات لأنفسهم، ولغيرهم من المواطنين.
وحذر وزير الداخلية من أن الحكومة ستتصدى لهؤلاء الذين وصفهم بـمستخدمي العنف ومثيري الفوضى، قائلا للتلفزيون الرسمي: الذين يخربون الأملاك العامة، ويثيرون الفوضى، ويتصرفون بشكل مخالف للقانون، سيحاسبون على أفعالهم، ويدفعون الثمن، على حد قوله.
تصريحات متوعدة تشير إلى حجم الغضب الذي يجتاح الجمهورية الإسلامية، ويلقي كثيرا من التساؤلات عن حقيقة ما يحدث بالداخل الإيراني، نستعرضها فيما يلي:
ما هي أسباب الاحتجاجات؟
الأوضاع الاقتصادية، من فساد وارتفاع للأسعار ولمعدلات البطالة، كما يبدو أن الاحتجاجات أخذت منحى سياسيا يعبر عن الغضب من سياسة الرئيس حسن روحاني.
فقد تطورت المظاهرات إلى احتجاجات واسعة ضد السلطات، للمطالبة بإطلاق سراح السجناء السياسيين، وإنهاء قمع الشرطة.
كما استهدفت هتافات المحتجين مرشد الثورة الإيرانية، آية الله علي خامنئي، وردد المتظاهرون شعارات ضد الرئيس حسن روحاني والحكم الديني.
وأكدت التقارير أن متظاهرين كانوا يرددون شعارات مثل الناس يتسولون، ورجال الدين يتصرفون كالآلهة، وليس لغزة، ليس للبنان، حياتي لإيران، معربين عن غضبهم إزاء تدخل إيران في شؤون المنطقة.
أين بدأت المظاهرات؟
بدأت شمال غربي البلاد في مدينة مشهد، ثاني أكبر مدن إيران من حيث عدد السكان، وسرعان ما امتدت الاحتجاجات إلى أكثر من 40 مدينة، وفقا للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.
وأوضح المجلس أن الاحتجاجات امتدت إلى قم، المدينة الدينية الأهم لدى الإيرانيين، كما عمت المظاهرات مناطق في العاصمة طهران، وفي محافظات أصفهان وكرمان وآراك وخوزستان وزنجان وسمنان وغلستان وكيلان وأردبيل ومقاطعة بندر عباس، وغيرها.
هل تستجيب الحكومة لمطالب المحتجين؟
للإجابة على هذا السؤال يكفي رصد التصريحات الرسمية التي تتناول الاحتجاجات، وكيف يرى النظام المتظاهرين؟
فقد نقلت قناة أي آر أي بي الحكومية الإيرانية عن النائب الأول للرئيس الإيراني إسحق جهانجيري قوله إن من يعتبرهم خصوم الحكومة يقفون وراء الاحتجاجات.
وأضاف: بعض الأحداث في البلاد هذه الأيام تتخذ من المشكلات الاقتصادية ذريعة، لكن يبدو أنها تحدث على خلفية أمور أخرى. يظنون أنهم بذلك يؤذون الحكومة، وهناك آخرون سيركبون الموجة.
كما قال مسؤولون في مشهد، إن عناصر مناهضة للثورة نظمت المظاهرات.
وأخيرا لجأ التلفزيون الإيراني إلى مبرر كلاسيكي حين تحدث عن عملاء أجانب أطلقوا النار على متظاهرين.
كيف يتعامل النظام مع المظاهرات؟
حذرت الحكومة المواطنين من التجمعات غير القانونية، في وقت اعتقلت الشرطة العشرات لترديد شعارات شديدة اللهجة، بينما احتجزت متظاهرين في مدينة قم، حيث يقيم عدد من رجال الدين واسعي النفوذ.
وأظهرت صور فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، متظاهرين مصابين بإطلاق نار في بلدة دورود، غربي البلاد.
قال الحاكم العام للعاصمة طهران إن أي اجتماعات مماثلة ستتعامل معها الشرطة التي خرجت إلى الطرق الرئيسية.
وفي عدد من المدن اشتبكت الشرطة، المجهزة بمعدات مكافحة الشغب والدراجات النارية، مع المتظاهرين.
وحث وزير الاتصالات تطبيق إرسال الرسائل النصية في الهواتف المحمولة تلغرام، التي تطالب بخروج مزيد من الاحتجاجات، بالتوقف عن تشجيع العنف، على حد تعبيره.
كما خرج الآلاف من مؤيدي الحكومة الإيرانية في مسيرات حاشدة، في إشارة إلى استعراض للقوة في مواجهة المظاهرات المناوئة.
ماذا تقول أميركا عن الاحتجاجات؟
حذرت الإدارة الأميركية إيران، قائلة إن العالم ينظر إلى ردها، ونشر الرئيس دونالد ترامب، تغريدة على حسابه في تويتر قال فيها إن الأنظمة القمعية لا يمكن أن تستمر إلى الأبد، وسيأتي اليوم عندما يواجه الشعب الإيراني خياراته.
وجدد وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون دعمه لما وصفه بـعناصر داخل إيران تسعى إلى انتقال سلمي للسلطة.
كما دانت وزارة الخارجية اعتقال عدد من المتظاهرين الإيرانيين، داعية دول العالم إلى دعم الشعب الإيراني لنيل حقوقه الأساسية والقضاء على ما سمته الفساد في البلاد.
ووصفت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، هيذر نويرت، إيران بأنها دولة مارقة مستنزفة اقتصاديا، تقوم صادراتها الرئيسية على العنف وسفك الدماء والفوضى.
لماذا تجذب المظاهرات اهتماما عالميا واسعا؟
أظهرت الصور والتقارير الإعلامية أن الاحتجاجات في بعض المدن الإيرانية لا تزال تتسع بعد بلوغ يومها الثالث، ورغم تحذيرات السلطات، تستمر مشاركة آلاف الإيرانيين في الاحتجاجات.
ويؤكد انتشار الاحتجاجات بأكثر من 40 مدينة، بما في ذلك العاصمة طهران، حجم التظاهرات واتساع نطاقها.
وتعد هذه أكبر احتجاجات تشهدها إيران منذ المظاهرات المطالبة بالإصلاحات عام 2009، حين خرجت جموع المتظاهرين تأييدا للرئيس الإيراني آنذاك محمود أحمدي نجاد، ردا على احتجاج الإصلاحيين بشأن نتائج الانتخابات المتنازع عليها التي أعادته للسلطة.