” حلوة الجوف” رمز للكرم و مصدر للرزق
تعد تمرة حلوة الجوف أحد الرموز التي يتفاخر بها أهالي المنطقة , ولقد أرتبط ذكر المنطقة فيها منذ مئات الأعوام وتسمى الجوف “أرض الحلوتين” ويقصد بها الماء والتمر , حيث لا يكاد يخلو مذكرات التاريخية من ذكر حلوة الجوف وامتداح مذاقها وشكلها , وتواردت قصائد أبناء المنطقة منذ سنوات يتغنون بحلوة الجوف ويعدونها أحد رموز الكرم والعطاء .
وتعد حلوة الجوف الأشهر بين تمور المنطقة والأكثر رواجا ، إذ يبلغ عدد نخيل الجوف حوالي 1.200.000 نخلة ، تشكل الحلوة الجزء الأكبر منه والأكثر إنتاجا ، حيث تعد رافدا مهما في اقتصاد منطقة الجوف والتسويق التجاري لسوق التمور , وأبرز ما يعرض في مهرجان تمور الجوف الذي تنظمه بلدية دومة الجندل في الوقت الحالي بمدينة التمور بالمحافظة ويستمر حتى الرابع من شعبان , يعرض فيه 60 مزارعاً أكثر من 45 طن من التمور أغلبها من حلوة الجوف .
وتتميز حلوة الجوف بمذاقها الرائع حيث أنها من أفضل التمور وأجودها بعد مرحلة الكنز والحشو، إذ تصبح “مجرشة” أو “مدبسة” , كما يسميها سكان المنطقة ، ويفضل الأهالي “المنقد” والذي يكون فيه نصف التمرة ناضجا والآخر غير مكتمل النضوج والمعروف بالبسر. كما تدخل الحلوة في العديد من الصناعات ومن أشهرها “البكيلة” التي تمزج فيها نبتة السمح مع الحلوة , بالإضافة للسمن أو زيت الزيتون ، وتدخل الحلوة أيضا في الصناعات الغذائية الأخرى مثل الحلويات ومعمول التمر والدبس الذي يعد في المصانع أو بأيدي الأسر المنتجة التي تتواجد في المهرجان.
هناك صفات للحلوة تختلف عن غيرها من التمور ، فهي تحتاج لحد معين من الماء أثناء سقي نخيلها طبقا لارتفاعها عن الأرض وعدد من العوامل الأخرى كالفصل والمناخ وغيره ، كما أن لها طرق مختلفة في مرحلة الكنز والتخزين قبل تقديمها وبيعها , وعن الفوائد الصحية فإن حلوة الجوف من أسهل التمور هضما ، كما تحتوي على العديد من الفيتامينات الطبيعية التي يحتاجها جسم الإنسان.
وتعد حلوة الجوف رمزا للكرم والضيافة حيث تغنى بها العديد من الشعراء بقصائدهم ، ومن أشهرها أبيات للشاعر/ عابد الجلال – رحمه الله – نذكر منها :
لي جالك اللي يشتهون التعاليـل
من حلوة الجوبة نقلط قـدوعـه
حلوة هل الجوبه نماها هو الكيل
يطرب نماها في عوالي فـروعـه
أحلى من الشهد المصفى محاليل
لاذاقها الجيعان يضـيـع جـوعـه
ويتفق أهالي منطقة الجوف أن حلوة الجوف كانت , وما زالت رمز للكرم و مصدر للرزق فمنذ مئات السنوات والجوفيون يعشقون و يتغنون بحلوة الجوف , وأوضح العم ناصر مرشد العرجان أن أهل منطقة الجوف عامة ومحافظة دومة الجندل خاصة عاشوا على التمور منذ القدم , واشتهرت المنطقة في صنف حلوة الجوف ويوجد قديما العيون والمزارع ” الحوط ” والآبار وكانت حلوة الجوف رمز للعطاء و البذل و الكرم وترتبط بأهل الجوف ولها من الذكريات و القصص الكثيرة التي تعكس جود النخيل و تعكس كرم أهل الجوف .
ويقول العم خلف نومان الحسن أن النخله شجرةٌ عظيمه و مباركه قال الله فيها سبحانه و تعالى : ” والنخل باسقاتٍ لها طلعٌ نضيد رزقاً للعباد ” ولم يذكر الله سبحانه و تعالى أي نبات أنه رزق ، إلا النخلة , و ورد عن الرسول صل الله عليه و سلم : ” اكرموا عمتكم النخله ، فإنها خُلقت من طينة ابيكم آدم ” , وثبت التحليل المخبري مؤخرا أن عناصر الإنسان 18 عنصر و عناصر النخله 18 عنصر , ويضيف الحسن أن منطقة الجوف مشهورةٌ بالنخيل منذ القدم فعاش أهلها على التمر وستبقى النخله مكرمه بإذن الله إلى ان تقوم الساعة , و النخل أصناف كثيرة منها : حلوة الجوف ، الحسينيه ، الشقراء ، البويضاء ، المسيحيه سائلين الله التوفيق لمهرجان تمور الجوف الخامس .
وقال المزارع طارق الفارس السرحاني أن التمر المكنوز لحلوة الجوف يعد من أفضل وأطيب وأزكى أنواع التمور بالوطن العربي , ولم يتغنَّ الشعراء قديماً وحديثاً إلا بها ، كما أشاد بها سكان المناطق الأخرى رغم وجود أنواع كثيرة من التمور لديهم , وما يميزها عن باقي الأنواع بالإضافة لطعمها اللذيذ كونها تؤكل بسراً ورطباً وتمراً , وكانت الحلوة في الماضي هي الأمن الغذائي لأهل المنطقة ومصدر رزقهم وطعامهم ويقول النبي صلى الله عليه وسلم “بيتٌ لا تمر فيه جياعٌ أهله”.
ويقول عضو المجلس البلدي متعب الهديب أن حلوة الجوف كانت وما زالت هي مصدر من مصادر الرزق وحلوة الجوف الجميلة بشكلها حلوة بمذاقها تغني بها الشعراء هي فاكهة صيفية ووجبة شتوية وتتميز حلوة الجوف عن باقي التمور بالوطن العربي أن إنتاجها السنوي للنخلة الواحدة يصل لما يقارب 200 كلجرام ، وتعتبر حلوة الجوف من أجود التمور لصنع معمول التمر والحلوى كونها تبقى طرية لمدة طويلة وأصبح عليها طلب بكميات كثيرة لمصانع المعمول , ويضيف الهديب أن أجدادنا يتفاخرون بها باعتبارها انها رمز من رموز منطقة الجوف فقد ذكرها المؤرخون والرحالة الأوربيون الذي زاروا الجوف قبل مئات السنين , ويضيف أنها فرصة لزوار منطقة الجوف لشراء حلوة الجوف من المهرجان لكون المزارعين أبدعوا في كنز التمور من النخلة مباشرة وحفظه في عبوات التسويق ,التي من خلالها يستطيع المشتري الاحتفاظ بها لمدة طويلة حيث ان إدارة المهرجان منعت في النسخة الخامسة لمهرجان التمور المنقولة من عبوات أخرى .