الأخبار المحلية

الجمعة يتحدث عن وظيفة “المشهور” التي قد تقود للاكتئاب.. وقصة شهرته منذ مكالمة الملك مروراً بالضغوط وانتهاءً بالتصالح

الكاتب السعودي عبدالله الجمعةروى الكاتب السعودي عبدالله الجمعة كيفية تحقيق شهرته في مجال الكتابة على منصات مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أصبح اسمه “ترند”، وكيف تبدلت حياته في عام 2013.

وقال الكاتب، في مقال نشره على موقع “ثمانية” الإلكتروني، إن شهرته بدأت في سن صغيرة عندما دخل كتابه الأول “عظماء بلا مدارس” قائمة الكتب الأكثر مبيعًا، وأفردتْ له الأقسام الثقافية في الصحف والمجلات مقالات ومراجعات، وبلغ من شهرة الكتاب أن الملك سلمان بن عبدالعزيز قرأ الكتاب، مبيناً أن الملك هاتفه ودعاه إلى مكتبه ليشكره على كتابه.

وأبان أن حياته ككل تبدّلت مع بداية عام 2013، عندما نشر كتابه الثالث “حكايا سعودي في أوروبا”، والذي أحدث جلبة واسعة في معرض الكتاب بحصوله على شعبية غير مسبوقة، دفعت إدارة المعرض لوقف البيع، وإخراجه مرتين من قبل الشرطة من على منصة التوقيع بسبب تدافع آلاف القراء، وقد جرى تداول مقاطع فيديو لتلك الحادثة على نحو واسع أوصله إلى “الترند”.

وذكر أنه بعد تلك الحادثة تحوّل دون إرادة منه من “الكاتب” إلى “المؤثر” عبدالله الجمعة، وقفز عدد متابعيه من بضعة آلاف إلى عشرات الآلاف خلال يومين، وتضاعفت مشاهدات مقاطعه على موقع “كييك” من عدة آلاف إلى ملايين.

وأوضح الجمعة أنه عندما عرضت عليه إحدى الشركات أن يعلن لها على صفحته في “إنستقرام” تردد في البداية وشعر ببعض القلق، وأن أول مبلغ تسلمه كان 3 آلاف ريال، وعندما وصلته رسالة الإيداع كان حينها يرقد على سرير متواضع في غرفة تحوي ستة أسرّة من طابقين في نُزل شبابي رخيص في لاباز عاصمة بوليفيا أثناء رحلة طويلة في أميركا اللاتينية.

وأضاف أنه خلال السنوات التي تبعت إعلانه الأول، تحول النزل الشبابي إلى أفخم المنتجعات في المالديف وإبيزا، ورحلات الحافلات الطويلة تبدلت إلى الطائرات الخاصة وسرر الدرجات الأولى، وتحوّل كتابه لبرامج تلفزيّة ناجحة على أشهر القنوات الفضائية، والـ 3 آلاف ريال قيمة الإعلان الأول تضاعفت ثلاثين مرة.

ورداً على سؤال “هل أنت سعيد؟”، أبان أن الإجابة عن هذا السؤال استغرقت منه سنوات طويلة، وتجارب متعددة، وخيبات وآلاما، حتى استطاع أن يكوِّن إجابة، والتي كانت: “نعم! أنا اليوم سعيد، بل سعيدٌ جدًا”.

ومضى بالقول: “رأيت أكثر لحظات حياتي سعادة، فوجدت أن المال والشهرة لم يتسببا في تحقيقها، ونظرت إلى أكثر لحظاتي حزنًا، فوجدت أن المال والشهرة لم يتسببا في منعها”.

ولفت إلى أن الإجابة عن هذا السؤال قادته لسؤال آخر: “هل المؤثرون الآخرون سعداء؟، وإجابة ذلك :”قطعاً لا، لقد عرفت العشرات منهم عن قرب، حدثوني بصدق، أو أخبروني كمستشار قانوني عن التزاماتهم التي لم يوفوا بها، والشركات التي تلاحق إعلاناتهم والنزاعات بينهم، والمتابعين الذين يترصدون كبواتهم”، مضيفاً أن هؤلاء المؤثرين يكررون على الدوام: “تعبنا، مللنا، احترقت معنوياتنا، ونشعر بفراغ داخلي”، لافتاً إلى أنه نفسه مرّ بذلك قبل ما يقارب السنتين.

وذكر أن ما يفرق بين المؤثرين وغيرهم من المشاهير هو أن المؤثرين في الغالب شباب صغار ولم يتسن لهم الوقت لبناء حياة وتشكيل هويات خاصة بهم، فحملتهم موجة الشهرة بغتةً إلى سواحل غامضة لا يعلمون كنهها، لذلك فإن الكثير منهم تجدهم يعانون من قلق عدم استقرار الدخل.

وانتهى الكاتب عبدالله الجمعة إلى أن وظيفة “مؤثر” هي من أكثر المهن جلبًا للقلق والتوتر، والاكتئاب، وقال: “إذا كنتَ في عملك تتنافس مع عدد محدود من الموظفين أمام مدير واحد، فماذا تقول فيمن ينافس غيره أمام ملايين المدراء”.

واختتم بقوله: “هذه ليست محاولة لإضفاء تصوّر سوداوي على حياة مشاهير شبكات التواصل الاجتماعي، لكنها محاولة لتقريب صورة واقعية عما يحدث فعلاً على الطرف الآخر من شاشة الجوال ولمهنة قد لا يتم أخذها بجدية، إلا أن آثارها تعكس حتمًا الضغط الاجتماعي الذي تسببه وسائل التواصل”.