دمعة اشتياق يخفيها عن أسرته.. “المعطاني” يستذكر 12 عامًا قضاها تحت قبة الشورى
استذكر الدكتور عبدالله بن سالم المعطاني نائب رئيس مجلس الشورى سابقًا، محطات حياته تحت قبة الشورى، التي أمضاها لثلاث دورات (وهي أقصى مدة يقضيها عضو المجلس)، وكيف حبس دموعه عن أبنائه وأسرته عندما ودّع الرياض.
يقول نائب رئيس مجلس الشورى سابقًا الدكتور عبدالله بن سالم المعطاني في حديث لـ”سبق” ساردًا البداية حتى النهاية: في ليلة ربيعية ناعمة لطّفتها أنسام بحر جدة عام 1430هـ، رنّ الهاتف الجوال فرفعته بهدوء كعادتي، وإذا بصوت جهوري يقول لي: “كلم رئيس الديوان الملكي” في ذلك الوقت، قال لي: “مساء الخير يا دكتور عبدالله، يسلّم عليك طويل العمر، وقد رشّحك عضوًا في مجلس الشورى للدورة الخامسة ” فقلت له: أشكر خادم الحرمين الشريفين وأدعو الله أن أكون عند حسن ظنه، وأن أقوم بالمهمة بإخلاص ووفاء.. وفي اليوم الذي يليه تناقلت وسائل الإعلام أسماء المرشحين، وبعد حوالى أسبوع شددنا الرحال إلى الرياض لتأدية القسم، ثم انتظم المجلس في جلساته الأسبوعية، وكنا مجموعة من جدة ومكة أكثرهم من أساتذة الجامعات الذين يعرف بعضهم بعضًا قبل التعيين، وكانت مدة الدورة أربع سنوات، نهلنا فيها نحن الأعضاء من مَعين المجلس وتبادلنا تجاربنا وأفكارنا ورؤانا؛ فكانت فترة خصبة مثمرة راقَ تميزها وأينَعَ غصنها، وبعد أربع سنوات عادت الحالة وتجدد التشكيل في الدورة السادسة وخرج بعض الزملاء الذين أنهوا فترتهم، وشكل خادم الحرمين الشريفين الأعضاء الجدد للدورة السادسة وكان لي الشرف أن أكون أحدهم وهذه ثقة على ثقة تستحق الثناء والاعتراف لأصحاب الفضل وهم قيادتنا الرشيدة يحفظها الله.
وأضاف: بعد أربع سنوات أخرى من الخبرة والحنكة وقدح زناد الفكر والسياسة والحضارة وتلاقح الرؤى ومناقشة المشاريع الاقتصادية والثقافية والقانونية والسياسية، انتهت هذه الدورة، وشكّل خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- الدورة السابعة وكنت متوجًا بشرف الاختيار الثالث، وهو أقصى مدة يقضيها عضو المجلس فيه؛ لكن في ليلة من ليالي رمضان المبارك عام 1439هـ، أصدر خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله- قرارًا بتعييني نائبًا لرئيس مجلس الشورى بمرتبة وزير، فحمدت الله على هذا الشرف والثقة التي حمّلتني مسؤولية العمل بجد وإخلاص ووفاء، فانتقلت إلى الرياض بزوجتي وأبنائي مقيمًا في مقر عملي وليس كالسابق أذهب وأعود أنا وكثير من الأعضاء عبر الرحلات الجوية بين جدة والرياض.
وتابع: من خلال عملي في الشورى كنائب لرئيس المجلس، تفتحت أمامي أبواب للقاءات الرسمية سواء داخل المملكة أو خارجها، فزرت البرلمانات في أوروبا والعالم العربي، وتحدثت عن مواقف المملكة الإنسانية والسياسية والثقافية والمشاريع الاستراتيجية والتطويرية، وتحدثت عن رؤية المملكة المستقبلية 2030، ولمست الاحترام الكبير لهذه البلاد وقادتها والثناء على منهج الحكم فيها.
وزاد في تصريحه: بعد خدمة اثني عشر عامًا تحت قبة الشورى؛ انتهت مهمتي ورُشح زملاء آخرون استلموا الراية؛ وهذه حال الدنيا، قوم يأتون وقوم يذهبون، ثم جمعت شتات أمري ولملمت ذكرياتي الجميلة في العاصمة الحبيبة وعدت أنا وعائلتي إلى جدة مرتع صباي وموطن شبابي، وحينما خرجت من مطارها التفت لفتة طويلة إلى الشوق، وإذا بي أرى لمعة برق ناحية الرياض؛ فحبست دمعة خفية أردت أن لا يراها أبنائي وزوجتي مرددًا قول الشاعر:
ألا أيها البرق الذي بات يعتلي
ويجلو ذرى الظلماء ذكرتني نجدا
ألم تر أن الليل يقصر طوله
بنجد وتزداد الرياح به بردا؟
ورفع الدكتور عبدالله المعطاني، أسمى آيات الشكر والتقدير لمقام سيدي خادم الحرمين الشريفين وسمو سيدي ولي العهد حفظهما الله، “اللذين منحاني ثقة كبيرة أفتخر بها طوال حياتي ويفخر بها أولادي وأحفادي وجميع أقاربي وأصدقائي”.
كما قدّم الشكر لرئيس المجلس الشيخ الدكتور عبدالله آل الشيخ، “الذي حفني منذ دخولي المجلس بتقديره ومحبته ودفء أخوته، وزاد الحسن حسنًا حينما أصبحت نائبًا، بنصحه وإرشاده وإخلاصه، فجزاه الله عني خير الجزاء.. كما أشكر زملائي الذين قوّموا كثيرًا من سناد اعوجاجي ومحضوني بنصحهم ومشورتهم، وأناروا لي كثيرًا من الدروب في طريق العمل والإخلاص لهذا الوطن.. كما أشكر المساعد والأمين العام للمجلس، وجميع منسوبي الجهاز الإداري الذين كانوا لي نعم العون والسند في مسؤوليتي الإدارية والبرلمانية، ودعائي خالص مخلص لوجهه تعالى أن يحفظ وطننا وقيادته وأبناءه، وأن يزيد في رفعته وتوهجه ونهضته”.