الأخبار المحلية

ماذا طلب من الطبيب؟ رحلة حياة “راجح العجمي” بتوقيع نجله وصديقه

لم تكُ الدعوة والنصيحة في شعر الداعية الشاعر راجح العجمي، أمراً طارئاً في ذلك الميدان الذي ربما تفوق به على غيره من شعراء هذا العصر، فهو ابن الحقل الدعوي الذي عمل في جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منذ عام ١٤١٧هـ متنقلاً بين مناطق المملكة حتى استقرّ به الحال متفرغاً للدعوة يحرص على حضور مجالس الذكر بعدما نهل من علم كبار العلماء كالشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمهم الله جميعاً-.

لم يركن “العجمي” وساعد نفسه وزاد تحصيله العلمي وتسلّح بالدين وأخذ من مشاربه الموثوقة، وهذا بات ظاهراً في قصائده عندما يشرح أهوال القبر وكيف يلقى العبد ربه، فكان تأثير العمل الدعوي يتجلى في قصائده الوعظية المصبوغة بعمق التجربة والخوف من الله سبحانه، فحتى رحل عن الحياة وهو لا يمتدح أحداً في شعره ولم يتغزل، فقال ذات مرة: “شعري سخّرته في الدعوة لله والتوجيه نحو مكارم الأخلاق”، وكرّس الراحل هذه الموهبة في الحكمة والنصح قبل أن تتردى ظروفه الصحية قبل عام ونصف عانى فيها، ثم ساءت حالته قبل ١٧ يوماً حتى توفاه الله عن عمر ٥٩ عاماً.

ويذكر ابنه “سالم” أن والده كان مؤمناً ومسلّماً بقضاء الله وقدره حتى عندما كاشفه الطبيب عن خطورة المرض ووصوله لمرحلة متقدمة، رد بالقول: “الحمد لله على كل شيء، وأرجو ألا تُبلغ أبنائي”.

وتحدث لـ”سبق” رفيق دربه ظفر النتيفات قائلاً: “الشيخ راجح بدأ بطلب العلم ١٤١١هـ على يد كبار العلماء، وانطلق في مسيرته الدعوية من عام ١٤١٤هـ وزار كل المناطق يدعو إلى الله، حريصاً على حضور معظم الملتقيات مركزاً على جانب العقيدة وهي دعوة الرُّسل عليهم الصلاة والسلام، ويدعو كذلك إلى جمع الكلمة وطاعة ولاة الأمر والذبّ عن أعراض العلماء والولاة وضبط الأمن في بلادنا، ويحرص على توجيه الأبناء ومتابع للأحداث اليومية لتسليط الضوء عليها”.

وأضاف: “بدايته مع الشعر كانت عام ١٣٩١هـ حينها لم يتجاوز الـ١٥ من عمره، فهو ابن بيئة شعرية فوالده شاعر وجدّه كذلك، متأثراً بشعراء الفصاحة كحسان بن ثابت وكعب بن زهير وأبي العتاهية، ويقرأ كذلك للعشماوي وحافظ إبراهيم وأحمد شوقي، ويعجبه من الراحلين شعر بن تركي حميد وشالح بن هدلان وراكان بن حثلين، وأسماء كثيرة لم يحصهم -رحمهم الله جميعاً- ومن المعاصرين تعجبه بعض الأسماء كخلف بن هذال ومرشد البذال وصقر النصافي وعبدالله بن زويبن وسعد بن جدلان وغازي بن عون وعبدالله بن عون ورشيد الزلامي”.

وقال: “وقد سألته ذات مرة: هل تقرأ القصيد بالفصحى؟ قال: نعم، فقلت: لماذا لا تقوله؟، قال: احتراماً للغة الفصحى توقفت عن قوله لأني لا أتقن قواعدها، وتخصصي الشعر النبطي العامي؛ لأن العامة لا يفهمون الشعر الفصيح. ويقول -أي راجح-: وهذا مع اعتزازي وتقديري للغتنا العربية الفصيحة”.

واستدرك: “من وصاياه دائماً الإخلاص بالعمل والمتابعة للرسول صلّى الله عليه وسلم والعلم والحكمة والصبر على الأذى، فإذا تحققت هذه الأسس نجح الداعية في رسالته، وكان يذهب للدعوة ومعه أشرطة ومطويات للعلماء، ويهتم بدور هيئة كبار العلماء ويحرص على الأخذ منهم”.

واختتم: “كان يحصر أسباب انحراف الشباب نحو التكفير والتفجير في: غياب دور الأسرة وعدم المتابعة، والجهل في عقيدة أهل السنة ووسائل التقنية ومتابعة أصحاب الغلو وعدم إدراك الشباب للمخططات الرامية لغسل أدمغتهم، وعدم تحذير بعض الدعاة المعروفين من مغبات الانجراف الأعمى وعدم متابعة آراء هيئة كبار العلماء”.