معهد “رصانة” ومركز “النهرين” يعقدان ندوة افتراضية حول العلاقات السعودية- العراقية
عقد المعهد الدولي للدراسات الإيرانية (رصانة) بالتعاون مع مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية، ندوةً افتراضية “ويبينار” اليوم الأربعاء، تحت عنوان “مستقبل العلاقات السعودية – العراقية”، بمشاركة عددٍ من الأكاديميين والباحثين.
وأدار الندوة عضو مجلس الشورى الدكتور فايز الشهري، وشارك فيها كُلٌّ من مدير مركز النهرين للدراسات الإستراتيجية علي بنيان، ومؤسّس ورئيس المعهد الدولي للدراسات الإيرانية (رصانة) الدكتور محمد بن صقر السلمي، وعميد كلية العلوم السياسية في جامعة النهرين الدكتور علي فارس حميد، والمستشار والباحث السياسي سالم اليامي.
وبدأ مدير الندوة “الشهري” بالترّحيب بالضيوف، والتأكيد على أنّ ما بين شعبي السعودية والعراق ليس حدثًا سياسيًا طارئًا، إنما هو تاريخٌ وجغرافيا تمتدُّ عبر مئات السنين، مبينًا حرص قادة البلدين على أهمية العلاقات السياسية.
وأكَّد مدير مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية علي بنيان، أنّ العراق ينظر إلى السعودية باعتبارها شريكًا مهمًّا، مشيرًا إلى أنه لا يمكن تجاهل دورها في أيِّ حواراتٍ إقليمية بمنطقة الخليج أو الشرق الأوسط.
ولفت إلى وجود مؤسساتٍ وأفراد يضلِّلون تقييم العلاقة بين السعودية والعراق، إلا أنّنا ومستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، حريصون على تأسيس شراكاتٍ نخبويةٍ قادرةٍ على بلورةِ خُططٍ وبرامجَ تُعزِّز الهويةَ الإسلامية بين بلدينا وشعبينا. وشدَّد “بنيان” على ضرورة الشراكة بين مراكز الفكر والدراسات في البلدين؛ للمساهمة في صناعة قرارٍ يرفعُ من مستوى التعاون الحكومي والرسمي، كما تحدث عن تعرُّض العراق إلى هزَّاتٍ وتدخلاتٍ كثيرة، إقليمية ودولية، أوجدت أجهزةً داخلية كالأجهزةِ الأمنية والقوَّات العسكرية والحشد الشعبي، وهذا أفقدَ الحكومة السيطرةَ على مفاصل داخلية كثيرة، لكنّ رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لديه برنامجٌ حكومي للضَّرب بيدٍ مِن حديد للسلاح المنفلت والتعامل مع القوانين والقرارات الحكومية.
من جهته، قال مؤسّس ورئيس المعهد الدولي للدراسات الإيرانية (رصانة) الدكتور محمد السلمي، إن “هناك هواجسَ مشتركة بين كلِّ السعوديين ترى أنّ العراقَ لا بُد أنْ يتَّجهَ نحو تشكيل الدولة الوطنية بمفهومها الشامل، ليستعيد دوره الريادي والمهم جدًا”، مشدداً على ضرورة فتح الشراكات الاستثمارية والتجارية بين البلدين الشقيقين.
وأضاف: “هناك جدِّيةٌ من السعودية للانفتاح على العراق بشكلٍ كامل، وقدَّمت الرياض من واجبها القومي والعربي والجغرافي عدَّةَ مبادراتٍ ورسائلَ إيجابية، لعلَّ أبرزها ما قدَّمهُ خادم الحرمين الشريفين من هديةٍ للشعب العراقي لمواجهة جائحة كورونا”.
واعتبر “السلمي” فتح معبر عرعر بين البلدين خطوةً مهمّة لتدفُّق الحُجاج والمعتمرين والتبادُل التجاري، وهناك مبادرةٌ في ظلِّ المشاريع المقدَّمة لإعادة إعمار العراق خلال مؤتمر الكويت تتعلَّق بالتعاون مع المصانع بالديوانية والأنبار.
وعدَّدَ رئيس (رصانة) إشكالياتٍ تعوقُ تنميةَ الجانب التجاري والاستثماري في العراق، وهي الفساد الإداري والمالي، والبيرقراطية، والهاجس الأمني، والبُنية التحتية.
وبيَّن “السلمي” أنَّ العلاقات بين السعودية والعراق متأثرةٌ بالتَّجاذُبات السياسية في الإقليم، وقال: “نسمع دائمًا بأن السعودية تطمحُ لتطوير علاقاتها مع العراق بسبب الخصومة السياسية مع إيران وهذا غير منطقي”.
وتابع: “الطبيعي أنْ تطوِّر السعوديةُ علاقاتها بدول الإقليم سواءً العراق أو تركيا، لمراعاة المصالح في المنطقة لكلِّ الأطراف، والاقتصاد هو مقدِّمةٌ للتَّفاهمات السياسية”.
ولفت إلى أن الشعب العراقي يحتاج لجودةٍ عالية للمنتجات وسعرٍ منخفض، والمستفيد المستهلك العراقي.
من جانبه، قال عميد كلية العلوم السياسية في جامعة النهرين الدكتور علي فارس حميد: إنَّ “مراكز صناعة القرار في العراق كثيرًا ما تتأثَّر بالرَّصد الإعلامي سواء فتوى أو رأيٍ سياسي، لذلك لا بُد أنْ نبحث عن التعامل مع هذا التحدّي في مواجهة توقف أو تجمد العلاقات بين البلدين وهناك عدَّة خطوات، هي نحتاج إلى دبلوماسية النخبة، والدبلوماسية البرلمانية، بحيث تؤثِّر على الحكومة وصانعي القرار، ويمكن أن يكون هناك قرارٌ من مجلس الشورى السعودي ومركز النهرين بإعداد لقاءٍ مشترك بين البرلمانيين من السعودية والعراق للمساهمة بالعلاقات لمسارٍ أفضل، وذلك لما تمتلكُه المملكة من عمقٍ وقدسيةٍ إسلامية لدى الجميع”.
وأشار إلى أنَّ العراق يَعي جميعَ المتغيرات الدولية، وجولة رئيس الوزراء الأخيرة هادفةٌ وواعية، وتعامَل مع السعودية بأولويةٍ مهمة، ويعتبرها دولةً مؤثَّرة في المنطقة وذات عمق، وعلاقتنا تتَّخذ مساراتٍ جديدة ومختلفة عما كانت عليه في السابق. وكشف الدكتور حميد، عن أنَّ طبيعة التنافس السياسي في العراق على المستوى الداخلي والبيرقراطية تؤثِّر بشكلٍ سلبي على توجُّهات الحكومة، لافتًا إلى منهجيةٍ جديدة بقيادة رئيس الوزراء فيما يتعلَّق بتركيا وإيران، ويبلور طريقته في التوازن معها. وأوضح أنَّ الآراء السياسية والفتاوى تؤثِّر بشكلٍ كبير، وللإعلام دورٌ سلبي في نقل تلك الآراء، مشيرًا إلى أنَّ القرارات العلمية المدروسة هي التي تقدم لرئيس الوزراء وليس الاستجابة الإعلامية للأحداث.
بدوره قال المستشار والباحث السياسي سالم اليامي، إن “العلاقات بين البلدين تعرّضت للعديد من الأزمات في العهد الملكي وعهد صدام، هدَّدت الأُسس النظرية السياسية بين البلدين نتيجةَ السياسات العراقية السابقة، وبعد غزو الكويت منذ تسعينات القرن الماضي انقطعت تمامًا، والآن عادت من جديد وبزخمٍ يؤشِّر للخطوط العامة التي عادت بها العلاقات، وهي الإيمان بأهمية الدور السعودي في السياسة الإقليمية، وإيمان القيادات السياسية والوعي الذي تُحتّمهُ مجموعةٌ من الأواصر التاريخية الثقافية والدين واللغة والديموغرافيا، والقناعة المشتركة بأنَّ العلاقات الطبيعية مفتاحٌ لحلِّ مشاكل المنطقة، وفتح المعابر”.
واعتبر “اليامي” أنَّ ما يعوق تطور العلاقات بين البلدين، هو حالةُ الدولة العراقية غير المستقرة منذ 2003، والمذهبية التي هي منتجٌ إيرانيٌ خالص، وأصبح عنصرًا مؤثرًا في العلاقات السعودية- العراقية، وتعدُّدُ وتناحرُ القوى السياسية داخل الدولة العراقية، وبروزُ الفاعلين ما دون الدولة وتفتُّت الطبقة السياسية واتِّهامِها بالعمل لصالح جهاتٍ إقليمية خارجَ المصلحة الوطنية.
ورأى المستشار “اليامي” أنَّ الفجوات ليست في مسيرة العلاقات السعودية – العراقية بل في العراقية – العربية، والجميع ينظرُ لعودة العراق لحضنِه الطبيعي.
وفي ختام الندوة، اتَّفقت المؤسستان البحثيتان على المزيدِ من العملِ المشترك لما يخدُم العلاقاتِ الثُنائية بين السعودية والعراق.