القمة في العلا.. عرس خليجي بين أحضان ملتقى الحضارات والشعوب والثقافات
(تصوير: يحيى المازن): رحّب مجلس الوزراء الثلاثاء الماضي بقادة دول مجلس التعاون للمشاركة في الدورة الحادية والأربعين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون في محافظة العلا يوم الثلاثاء المقبل، راجيًا المولى أن يكلل أعمال هذه القمة بالنجاح في تعزيز العمل المشترك، وتوسيع التعاون والتكامل بين الدول الأعضاء في المجالات كافة تحقيقًا لتطلعات مواطني دول المجلس وآمالهم.
مضيف ينتظر الضيوف
وما إن تم الإعلان عن عقد القمة في العلا حتى دبت الفرحة في نفوس الأهالي مترقبين هذا الحدث المهم، الذي تتشرف به المحافظة التاريخية التراثية العريقة، وملتقى الحضارات والشعوب والثقافات.
وبادر الأهالي بالاحتفاء بهذا العرس الخليجي المنتظر بتسليط الضوء عبر مواقع التواصل الاجتماعي على جمال العلا الخلاب وتاريخها، وتداولوا الصور والتهاني حتى وصل قرار انعقاد القمة في العلا للمجالس، وأصبح الجميع بمنزلة مضيف ينتظر الضيوف.
تسويق عملي
من جانبه، أكد سطام أحمد البلوي، رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإرشاد السياحي، لـ”سبق” أن اختيار العلا لاستضافة قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربي يُعتبر مؤشرًا واضحًا على أن السياحة تحظى بدعم قوي وكبير من قِبل خادم الحرمين الشريفين وولي عهده سمو الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-.
وقال البلوي إنه بالتأكيد تسويق عملي للعلا كوجهة سياحية جاذبة للاستثمار؛ كونها تزخر بمواقع سياحية خلفتها حضارات تعاقبت على استيطان وادي القرى الذي يتمتع بموقع استراتيجي، مثَّل عبر السنين محطة مهمة في طرق التجارة بين القارات؛ وذلك لوفرة مياهه، وخصوبة أرضه، وطبيعة الأرض الجبيلة التي وفرت للعلا حماية طبيعية.
العهد السعودي الزاهر
وأوضح البلوي أن العلا تعتبر من أهم المواقع السياحية في السعودية؛ كونها تضم عددًا كبيرًا من المواقع السياحية؛ فنجد آثار حضارات مثل دادان واللحيانيون والأنباط، والقلاع المبنية منذ العهدَين الأموي والعباسي، إلى أن نصل إلى العهد السعودي الزاهر الذي نشاهد منجزاته وخططه لتأصيل موروثنا الإسلامي والحضاري، وتقديمه للعالم في قالب سياحي، يخدم التواصل بين الحضارات والثقافات العالمية.
من جهة أخرى، قال المواطن بدر جزاع العنزي، وهو أحد أصحاب المزارع: إننا قد بدأنا نجني ثمار الرؤية ٢٠٣٠. فقبل أعوام بسيطة كانت العلا بلا مقومات أساسية، وهي الآن على استعداد تام لاستضافة لقاءات لقادة دول الخليج. وهذا يعكس الخطى الحثيثة لهذه الرؤية، وتنفيذًا واقعيًّا لمخططاتها.
جدير بالذكر أن وادي العلا يقع على مسافة 300 كيلومتر من المدينة المنورة في الشمال الغربي للمملكة، ويعتبر من الأماكن الاستثنائية الزاخرة بالتراث الطبيعي والإنساني، التي تتضمن واديًا من الواحات الخضراء، وجبالاً شاهقة من الحجر الرملي، ومواقع ثقافية قديمة.
مدائن صالح
وتعتبر مدائن صالح بمنزلة الموقع الأكثر شهرة في محافظة العلا، وهي أول مواقع المملكة العربية السعودية المسجلة في قائمة التراث العالمي لليونسكو. وتمتد مدائن صالح على مساحة 52 هكتارًا، وكانت بمنزلة المدينة الجنوبية الرئيسة من مملكة الأنباط، وتتكون من أكثر من 100 مدفن محفوظة بشكل جيد، مع واجهات متقنة، تم اقتطاعها من نتوءات الحجر الرملي المحيطة بالمستوطنة الحضرية المسورة. فيما تشير الدراسات الحديثة إلى اعتبار مدائن صالح أقصى المواقع الجنوبية في الإمبراطورية الرومانية.
وإضافة إلى مدائن صالح تعتبر العلا موطنًا لسلسلة من المواقع التاريخية والأثرية الرائعة، مثل الخريبة (دادان قديمًا)، عاصمة المملكتين الديدانية واللحيانية، التي تعتبر اليوم واحدة من أكثر المدن تطورًا خلال الألفية الأولى قبل الميلاد ضمن شبه الجزيرة العربية. وكذلك آلاف الأمثلة عن الفنون الصخرية والنقوش القديمة، علاوة على محطات سكة حديد الحجاز. وتحتوي العلا على مئات النقوش الأثرية التي يعود تاريخها إلى الحضارات الصفوية والآرامية والثمودية والمعينية والإغريقية واللاتينية.
جبل الأقرع وجبل عكمة
أما جبل الأقرع ففيه ما يزيد على 450 نقشًا عربيًّا، بينما يعد جبل عكمة واحدًا من كبرى المكتبات المفتوحة في السعودية التي تحتوي على كتابات ونقوش أثرية هي الأهم؛ إذ يوجد به نقوش ورسوم تعود إلى الحضارتين الديدانية واللحيانية.
ويعمل فريق من خبراء الآثار المحليين والدوليين حاليًا على تسجيل وتوثيق المواقع الأثرية والتاريخية لمحافظة العلا، وتطويرها تحقيقًا للتحول المستدام، ولتمكين الزوار المحليين والإقليميين والدوليين من التعرف على ثراء إرثها الثقافي والتاريخي والطبيعي، وعلى الحضارات العربية الأصيلة، والقيم المحلية العريقة.
قالوا عن العلا
وكان وزير الثقافة، الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، قد أعرب عن تقديره لقرار خادم الحرمين وولي العهد الأمير محمد بن سلمان عقد قمة القادة في محافظة العلا؛ إذ إنها تعد ملتقى الحضارات والشعوب والثقافات.
فيما غرد وزير الرياضة، الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل، قائلاً: “العلا واجهة المستقبل تستضيف القمة الخليجية.. كلنا فخر”.
كما قال سفير خادم الحرمين لدى دولة الكويت، الأمير سلطان بن سعد بن خالد آل سعود: “مرحبًا بقادة دول مجلس التعاون الخليجي المشاركين في الدورة الـ٤١ للمجلس الأعلى، ونتطلع لرؤيتكم في عروس الجبال وعاصمة التاريخ والآثار (العلا)”.