افتراضيًّا.. “الحوار العالمي” يستهل لقاءاته بتعزيز القيم والتفاهم بين أتباع الأديان
عقد مركز الملك عبدالله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا، بحضور أعضاء مجلس إدارته متعدد الأديان، في أولى فعالياته للعام الجديد لقاء افتراضيًّا حول القيم والتضامن والأمنيات الشخصية لكل عضو من أعضاء مجلس الإدارة، وآماله المنشودة بغد أفضل للعالم عام 2021م؛ لإبراز رؤية المركز الداعية إلى التعاون، والداعمة للتضامن والتفاهم بين أتباع الأديان والثقافات على أساس المشتركات الإنسانية، وتطلعاتهم المرجوة للعالم.
وتابع اللقاء حضوريًّا على الخط المباشر مئات المهتمين من أتباع الأديان والثقافات، الذين وُفِّرت لهم خدمة الترجمة الفورية من اللغة الإنجليزية إلى اللغات العربية والألمانية والإسبانية.
وكان أكثر ما ميز رسالة هذه الفعالية المفعمة بالأمل، التي انعقدت ظهر اليوم الثلاثاء بتوقيت وسط أوروبا، هو تنوع حامليها دينيًّا وثقافيًّا، وكذا الاعتراف بالنعم التي حبانا الله بها حتى في أوقات الشدة، والتحديات التي واجهها الجميع العام الماضي، وأثقلت كاهل العالم بأسره.
وحث الأمين العام لمركز الحوار العالمي فيصل بن معمر القيادات الدينية، وأعضاء مجلس إدارة المركز، وكل من ينتمي إليه، ويتبنى أهدافه من كل أرجاء المعمورة، في هذا الحدث المميز والأول من نوعه لعام 2021، الذي ينظمه المركز افتراضيًّا، على تعزيز قيم التضامن والتفاهم والأمل في خضم التحديات الراهنة.
وأعرب عن عظيم امتنانه لدعم أعضاء مجلس إدارة المركز، الذين يعبّرون عن مختلف الخلفيات الدينية، قائلاً إنه لطالما استفاد من تجاربهم وخبراتهم، فناله الإلهام والتحفيز على مدار السنوات الماضية. لافتًا إلى أن أفضل ما يبدأ به الإنسان عامه الجديد أن يجعل من تجاربهم وخبراتهم نبراسًا لأهدافه، والسعي لتحقيق الخير للإنسانية كافة.
وأشار إلى أن ذلك اللقاء الحواري القيمي بأمنياته ورسائل الأمل فيه يشكل دعوة لنذكر أنفسنا وغيرنا بأننا لا نقف وحدنا في الخطوط الأمامية لمجابهة جائحة كوفيد-19، متحدين بتعاليم الأديان التي نعتنقها، ومدعومين بالقيم الدينية والكونية التي تكفل الحياة الهانئة للبشر لصيانة حقوقهم، وحفظ كرامتهم الإنسانية، جنبًا إلى جنب مع الحكمة والتضحية والتوجيه من الأخيار من أتباع الأديان والثقافات الذين لا حصر لهم.
وشدّد “ابن معمر” على إعادة جائحة كوفيد-19 رسم معالم العالم اليوم، وظهر تأثيرها على هيئة حياتنا وطرائق عيشنا بشكل مباشر. مشيرًا إلى أنها في أقل من عام أودت بحياة 1.8 مليون شخص.
وأردف: “فضلاً عما ساهمت به من تباعدنا، ودفعت الجميع إلى العزلة، وأضرت بصحتنا، وهددت أمننا واستقرارنا. لم يسلم أحد من تبعاتها، وتضرر الجميع منها بأشكال مختلفة، وبدرجات متفاوتة، وأحدثت شروخًا، يُتوقَّع أن يستمر تأثيرها إلى أمد غير معلوم بعدما أجبرت الجميع على معرفة مساوئ النفس وسلبيات مجتمعاتنا بقدر ما أبرزت اللاإنسانية التي تسكنها بعدما لم ترحم ضعيفًا، ولم تغث محتاجًا، ولم تسعف ملهوفًا”.
وأوضح “ابن معمر” أن التاريخ سيكتب أن العام الماضي واحد من أكثر الأعوام اضطرابًا، وتتجنب ذاكرتنا تذكره، بعدما تعالت فيه أصوات الانقسام المجتمعي، وتصاعد خلاله خطاب الكراهية. مستدركًا بأنه بالرغم من كل هذه المساوئ والاضطرابات والمعاناة إلا أن الخير في الإنسانية متواصل بعدما شاهدنا الملايين من الأطباء والممرضين والعلماء والمعلمين والقيادات الدينية وصانعي السياسات في جميع أنحاء العالم يبادرون لمد يد العون والمساعدة دون أمل في المكافأة أو المجد بعدما حملوا على أكتافهم عبء ومسؤولية تجويد حياة الآخرين، وإعادة رسم الابتسامة على وجوههم. مؤكدًا أن أصوات المودة والتراحم والرحمة كانت أعلى وأبلغ من رسائل الكراهية.
وشدد “ابن معمر” على أن الرحمة مفهوم عالمي متفق عليه، رغم اختلاف مترادفاته في اللغات كافة؛ وبذلك فإن جميع أتباع الأديان والثقافات تحتفي بالحب الذي يغمرنا به الخالق -جل وعلا-، وعلى أساسه يجب أن يحب بعضنا بعضًا، وأن نتبادل الرحمة. معتبرًا أن القيم الكونية، وما تتضمنه من قيم المودة والتراحم، والرجاء إلى الرحمة والإخاء، هي ما يجمعنا على كلمة واحدة بتضافر جهودنا لإرساء السلام، وأنها هي المبادئ التي يُعوِّل عليها مركز الحوار العالمي لتجسيد رؤيته بشأن التعارف والتفاهم بين أتباع الأديان، وقوة التعاون والعمل الجماعي فيما بينهم؛ ما يؤسس لعالم أفضل.
وأكد “ابن معمر” في الختام أنه مهما كانت التحديات التي ستواجه البشرية في العام الجديد 2021م حتمًا بشائر الخير تلوح في الأفق، آملاً أن يكون 2021 عامًا تجديدًا، مفعمًا بالأمل والرجاء.. مشددًا على التزام مركز الحوار العالمي واستعداده التام لبذل جهوده المتواصلة من أجل بناء حوار عالمي بين أتباع الأديان والثقافات؛ ليعم السلام أرجاء العالم.
فيما قدّم أعضاء مجلس إدارة مركز الحوار العالمي رسائل الأمل والتفاؤل في هذه الفعالية التضامنية الإنسانية: الكاردينال ميغيل أنخيل أيوسو رئيس المجلس البابوي للحوار بين أتباع الأديان، سماحة شيخ الإسلام الله شكر باشازاده رئيس الإدارة الدينية لمسلمي القوقاز، الدكتورة كيزيفينو آرام مديرة شانتي أشرام، الدكتور محمد السماك الأمين العام للجنة الوطنية للحوار المسيحي الإسلامي في لبنان، المطران إيمانويل أداماكيس مطران فرنسا وممثل البطريركية المسكونية، الدكتور حمد الماجد عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، القس ريتشارد سودوورث أمين الشؤون الدينية المشتركة لرئيس أساقفة كانتربري والمستشار الوطني في الشؤون الدينية، كبير الحاخامات ديفيد روزن المدير الدولي للشؤون الدينية في اللجنة اليهودية – الأمريكية.