إذا انكسرت الكـأس وامتلأ الإناء.. هنا أبرز الخلافات الأسرية وحلها بتوقيع مختص
كشف مختص في مجال الإرشاد الأسري، عن أهمية المراكز الإرشادية في المجتمع، وحثّ على التواصل معها عندما تمر بالإنسان ضائقة أو مشكلة في حياته، أو يعترض طريقه شيء من الصعوبات؛ رجلاً كان أو امرأة، لأنهم خير معين لهم بعد الله – عزّ وجلّ – في المساعدة وتخفيف المعاناة والآلام بكل يسر وسهولة.
وقال مدير مركز الإرشاد الأسري بالأفلاج والخبير الاجتماعي خالد بن عبدالرحمن المحيميد؛ لـ “سبق”، إن تسليط الضوء على هذه المراكز وما تقدم من خدمات وبرامج ورسالات تربوية للآباء والأمهات، يهدف إلى المحافظة على التماسك والترابط، كي لا تتعرّض بيوتهم إلى نزاعات أو تفكك، مشيراً إلى أن مراكز الإرشاد الأسري من البرامج الاجتماعية المهمة والمحاضن الاستشارية الآمنة، خصوصاً في هذا الوقت الذي كثرت فيه المغريات وتنوّعت فيه الثقافات وتعدّدت وسائل التواصل الاجتماعي والترفيه والانشغال.
وأضاف: “هذه النقلة النوعية أحدثت في المجتمعات كثيراً من التغيرات والتطورات الاجتماعية والنفسية، نتج عنها نشوب عديد من المشكلات الأسرية والنفسية والتربوية والسلوكية والأخلاقية، ولا يساعد على إزاحتها ومساعدة أصحابها إلا مثل هذه المراكز التي أصبحت من الضروريات المهمة في حياة كل مجتمع”.
وأردف قائلاً: “مما يميز العمل في هذه المراكز أنها آمنة وتحمل الصفة الرسمية من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ولا يمارس العمل فيها إلا متخصّصون في الجوانب النفسية والاجتماعية والإنسانية”.
وتابع: “مركز الإرشاد الأسري بالأفلاج أحد تلك المراكز المتخصّصة ويتبع جمعية التنمية الأسرية بالأفلاج، ويقدم خدماته وبرامجه مجاناً، ويتعامل مع المشكلات التي ترده، بكل سرية وأمانة ويستقبل اتصالاته من جميع مناطق ومحافظات مملكتنا الغالية، ويقدم عديداً من البرامج والخدمات الإرشادية والاستشارية، أهمها: برنامج الهاتف الاستشاري، وبرنامج إصلاح ذات البين، والمقابلات الفردية والجلسات الإرشادية والاستشارية، وتدريب الشباب المقبلين على الزواج، والدورات التدريبية المتخصّصة”.
وعن أغلب المشكلات التي تعامل معها المركز، قال “المحيميد”: “بكل أسف كل ما يطرأ عليك وعلى القارئ الكريم من المشكلات الأسرية والخلافات الزوجية تعامل معها المركز خلال فتراته الماضية ولعل مشكلات الطلاق والتفكك، وإدمان المخدرات، والخيانات الزوجية والمعاكسات، والانحرافات السلوكية والأخلاقية، والعنف الأسري والإيذاء والعلاقات المحرّمة وغيرها مما لا نريد أن نسهب فيه ونزعج القارئ”.
واسترسل حديثه: “ترد أحياناً -وهم قلة ولله الحمد- اتصالات من أطفال واعين يطلبون مساعدة المركز في حل مشكلات آبائهم الانحرافية، أو وقوعهم ضحية لسوء تصرفاتهم أو تعاملهم”.
وذكر أن لبعض أبنائنا الطلاب والطالبات تواصلاً مع المركز في أيام الامتحانات حول قلق الاختبارات وبعض ما يعانونه فيها من مشكلات تحصيلية أو نفسية، كما حذّر الآباء والأمهات والبنين والبنات من الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي وسوء استخدامها من غير توازن واعتدال، خصوصاً بعض الألعاب الإلكترونية القائمة على التنافس والتحدّي أو التعلق بالصداقات والعلاقات الشخصية التي قد تكون ذات مآرب ونيّات سيئة، وهذا بلا شك تدمير للأسرة ولتماسكها وترابطها، بل إنها قد تحدث شروخاً كبيرة في البيت وتولّد فيه النزاعات والشقاق، لما فيها من الدسائس والإغراءات والمفاتن.
وعن أسباب الخلافات الأسرية، قال “المحيميد” إنها ترجع إلى أسباب كثيرة، لعل أهمها: ضعف ثقافة الزوجين، وضعف تأهيلهما للحياة الزوجية، وضعف الاتزان والتوازن بين الزوجين، وعدم التزامهما بحقوقهما وواجباتهما، وضعف استشعار الزوجين مسؤولية حياتهما الزوجية الجديدة وعدم التوافق والتجانس بينهما، وكثرة التعلق بوسائل التواصل وموضات الترف وممارسة بعض السلوكيات الخاطئة.
وتابع: “من المؤسف جداً أن مما يزيد الجراحات والتأزم بين الزوجين هو عدم تعاملهما مع خلافاتهما أو مشكلاتهما بالحكمة والتعقل؛ بل يتركانها تكثر وتكبر دون اللجوء إلى مَن يساعدهما ويعينهما على حلّها حتى وصلت إلى طريق شائك ومسدود”.
وقال: “أيضاً من الأسباب ضعف المراكز الأسرية والجمعيات المتخصّصة في تقديم البرامج التوعوية والتثقيفية والدورات التدريبية للمقبلين على الزواج أو المتزوجين حديثاً، فمن حل المشكلات الأسرية ضرورة وجود برامج متعدّدة ومتنوّعة تستهدف الأسر والبيوت، تتكامل وتتواصل فيها الجهات الحكومية والأهلية ذات العلاقة”.
وأردف بتوجيه رسالة للآباء وللأمهات: “أقولها بصريح العبارة: معشر الآباء والأمهات تكاتفوا فيما بينكم وتلاحموا ووحّدوا الصف، وابذلوا كل ما من شأنه استقراركم وتماسككم وترابطكم، تفاهموا وتعاونوا وطوّروا مهاراتكم في حياتكم الزوجية وفي رعايتكم لأبنائكم وفي متابعتهم وتربيتهم، وابتعدوا عن كل منغصات الاستقرار الأسري من الانحرافات وإيجاد المشكلات والخلافات وسارعوا إلى ما يعينكم على تحقيق الحياة الزوجية الناجحة والاستقرار الأسري الآمن”.
واختتم: “الحياة الآن تغيّرت عن ذي قبل، وكثرت فيها المغريات والملهيات، وتوسّعت فيها وسائل الترفيه على أبنائنا وبناتنا، فلا بد أن يتلقوا منكم التوجيه والإرشاد ومساعدتهم على استقرارهم وانضباطهم واتزانهم، كما أن الإنسان قليل بنفسه كثير بإخوانه، فنصيحتي لمَن لديه معاناة أو ظروف أسرية أو نفسية أو اجتماعية أن يبادر باستشارة أهل الخبرة والاختصاص وأهل الخير والإصلاح وما أكثرهم في هذا الوطن الغالي، وألا يجعلوا مشكلاتهم أو معاناتهم حبيسة صدورهم، أو التعامل معها بجهالة أو غير إنسانية”.
“فالإناء إذا امتلأ بما فيه فاض وانسكب..
والكأس إذا انكسرت كسرها لا يجبر”.
وبالتالي تخرج عن دائرة السيطرة وتدخل في جانب مظلم، لا يدري كيف يخرج أو تخرج منه، وهذا بلا شك سيؤدي في النهاية إلى نتائج مؤلمة.