لماذا يُعد تقدم المملكة في “تقرير السعادة” اعترافًا دوليًا بنجاح “رؤية 2030″؟
يرتبط ظهور “يوم السعادة العالمي” إلى حيز الوجود، كقرار صادر عن الأمم المتحدة، بتحرك مثير ومؤثر من دولة صغيرة الحجم وعدد السكان، هي مملكة بوتان الواقعة في جنوب قارة آسيا، التي لا تتجاوز مساحتها عن 38.8 كيلومتر مربع، ولا يزال عدد سكانها يقل إلى الآن عن المليون نسمة، عندما بادرت تلك الدولة خلال انعقاد فعاليات الدورة السادسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2012، إلى تقديم مقترح إلى الأمم المتحدة بتخصيص يوم دولي للسعادة؛ وعلى الفور حاز المقترح على قبول الدول الأعضاء، ما أسفر عن عقد اجتماع على هامش الدورة تحت عنوان “السعادة ورفاهية المجتمع والنموذج الاقتصادي الحديث”، أقرت خلاله الأمم المتحدة تخصيص يوم الـ20 من مارس من كل عام، يوماً عالمياً للسعادة.
وتقوم فكرة يوم السعادة العالمي، المستقى من تجربة بوتان في هذا المجال والتي بدأت عام 1971، على ربط السعادة بالسياسات العامة للدولة بحيث لا ينجم عنها نتائج سلبية تؤثر على سعادة المجتمع، وابتداءً من عام 2013 تولت الأمم المتحدة إصدار تقرير عالمي للسعادة يقيس مؤشرات السعادة في نحو 156 دولة حول العالم، بالمواكبة مع حلول “يوم السعادة العالمي”، وهذا العام حازت السعودية المرتبة الأولى عربياً، و21 عالمياً في تقرير السعادة العالمي لعام 2021، بعد أن كانت في المرتبة 27 عالمياً والثانية عربياً في 2020، والمرتبة 28 عالمياً في 2019، والمرتبة 33 في 2018، ما يعني أنه قفزت 12 مرتبة خلال السنوات الأربع الأخيرة.
وبمقتضى ارتباط السعادة بالسياسات العامة للدولة في مفهوم الأمم المتحدة لليوم العالمي للسعادة، فإنها اعتمدت ستة معايير في قياس السعادة في إصدار التقرير خلال السنوات السابقة لعام 2020، هي: نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، ومتوسط عمر الفرد، وحرية اتخاذ القرارات، جودة الخدمات الصحية والتعليمية، وانعدام الفساد، وانتشار العدل، أما في عام 2020 ونظراً للظروف الاستثنائية لجائحة كورونا، وتعطيلها لسير الحياة الطبيعية في العالم، فقد ركزت الأمم المتحدة في إصدار التقرير على عاملين: الأول، تأثيرات جائحة فيروس كورونا على الدول، واستجابة مؤسساتها الرسمية لتداعيات الجائحة وطرق السيطرة عليها، والثاني، متوسط نتائج كل دولة خلال السنوات الثلاث السابقة في تقرير السعادة السنوي.
ووفقاً للمعايير الاستثنائية التي اعتمدتها الأمم المتحدة في قياس مؤشر السعادة العالمي، فإن إحراز المملكة للمرتبة الأولى عربياً و21 عالمياً، يُعد دليلاً وبرهاناً مزدوجاً على نجاح المملكة في مكافحة فيروس كورونا ومعالجة الآثار العديدة الناجمة عنه من ناحية، ومن ناحية أخرى برهان على استمرار تقدمها الملحوظ في النتائج المرتبطة بالمعايير الستة المحققة لجودة الحياة، التي تقدمت فيها المملكة من المرتبة 33 عام 2018 إلى المرتبة 20 عام 2021، على أن اللافت أن تقدم المملكة في تقرير السعادة العالمي، من حيث كونه تقييماً دولياً يتحلى بالمصداقية والحياد، لا يتضمن سوى اعترافاً دولياً بالنجاح الذي حققته “رؤية 2030” في كل المجالات، بالإضافة إلى تحلي المملكة بنهج منتظم ومتصاعد في تحقيق التقدم الحضاري.