“العجمي”: الولايات المتحدة والسعودية لديهما رؤية مشتركة للقضايا العالمية
قال الكاتب العقيد الدكتور فهيد بن سالم الشامر العجمي، إن العلاقات السعودية الأمريكية نشأت منذ تأسيس المملكة على يد الملك عبدالعزيز آل سعود – طيب الله ثراه –، والذي بدأ بلقاء الرئيس الأمريكي آنذاك روزفلت، حيث كان النفط هي القصة التي بدأت بها علاقة المملكة بأمريكا، حيث تطورت بعد ذلك لتصبح العلاقات بينهما من أقوى العلاقات على الرغم مما يشوبها بسبب التوتر الناتج عن أسباب سياسية.
وأوضح أن “تحالف البلدان منذ الحرب العالمية الثانية ضد الشيوعية ولصالح المحافظة على استقرار أسعار النفط وعلى سلامة حقول النفط وطرق نقله عن طريق الخليج. كما كان يهدف تحالفهما إلى تعزيز استقرار الاقتصادات الغربية التي كان السعوديون يستثمرون فيها أموالاً طائلة. كما كان البلدان حليفين ضد السوفييت في أفغانستان في الثمانينيات، وفي طرد القوات العراقية من الكويت في عام 1991”.
واستدرك بأن العلاقة بين البلدين لم تخل من خلافات، كما حصل في عام 1973 عقب حرب تشرين العربية الإسرائيلية عندما تزعمت السعودية حظرًا على تصدير النفط إلى الغرب. كما حصل تصدع في العلاقة عقب هجمات أيلول / سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة التي حمل الكثير من الأمريكيين السعودية مسؤوليتها، ولاسيما أن 15 من الخاطفين الـ 19 الذين شاركوا في تلك الهجمات كانوا من المواطنين السعوديين.
وأضاف أن العلاقات السعودية الأمريكية وصلت إلى مستوى من النُّضج سمح للطرفين بالاتفاق على سحب القوات الأمريكية من الأراضي السعودية تحقيقًا لمصلحة الطرفين. غير أن بعض خبراء شؤون الشرق الأوسط في واشنطن نظروا إلى ذلك الاتفاق على أنه يعني المزيد من التردي في العلاقات بين الجانبين، وعلى أنه يمثل انتصارًا لمسعى ابن لادن إخراج القوات الأمريكية من الأراضي المقدسة باعتبارهم صليبيين يستنزفون ثروة شبه الجزيرة العربية ويملون إرادتهم على حكامها ويستضعفون شعوبها.
وقال: “الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية لديهما رؤية مشتركة للقضايا العالمية. في ضوء تغير المشهد الجغرافي السياسي وعلى الرغم من التحديات التي تواجه البلدين في علاقاتهما الخارجية، سيكون حاسمًا للبلدين الحفاظ على علاقات قوية ومواصلة العلاقات الودية. صنّاع السياسة في الولايات المتحدة بحاجة إلى أن يدركوا أن المملكة العربية السعودية هي من أهم الحلفاء لهم في العالم الإسلامي. ليس صحيحًا أن المملكة تمثل فقط أكبر احتياطي للنفط في العالم ومتحكم رئيس في سوق النفط فقط ولكن وهو ما تدركه الإدارات الأمريكية المتعاقبة جيدًا، بأن المملكة تحتفظ بموقعها الديني كأرض للحرمين الشريفين ومهد للعقيدة الإسلامية”.
وأشار إلى أن رؤية المملكة 2030 تؤكد أنها مركز اقتصادي رئيس في الشرق الأوسط، وفي أحد بنودها الذي جاء فيه “سنعمل على تحقيق ذلك من خلال استثمارات مباشرة وشراكات إستراتيجية مع الشركات الرائدة بهدف نقل المعرفة والتقنية وتوطين الخبرات في مجالات التصنيع والصيانة والبحث والتطوير”. وبقوة بشرية أنفقت الدولة عليها مليارات الدولارات عبر برنامج الابتعاث وفي بيئة خصبة للاستثمار سعت زيارة ولي ولي العهد إلى الولايات المتحدة في يونيو الماضي لتؤكد أن الاقتصاد هو محور العلاقة المقبلة بين الحليفين التاريخيين حيث وقع سموه اتفاقيات مع أكبر الشركات الأمريكية باتفاقيات تعد غير مسبوقة في المنطقة على توطين التقنية وفتح المجال أمام شركات التجزئة العالمية، إضافة إلى الترفيه، والأبحاث وصناعة النفط والطاقة المتجددة وغيرها من الاتفاقيات التي تثير شهية الاقتصاد الأمريكي.
ولفت إلى أنه على الرغم من الفوارق الاجتماعية والثقافية بين البلدين، إلا أن المصالح الإستراتيجية هي ما كان وسيظل يجمع أي إدارة أمريكية بالمملكة، فالإدارات الأمريكية تتغير والعلاقة بين البلدين ثابتة وتتطور بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين. التحديات العالمية بحاجة إلى استجابة منسقة من هاتين الدولتين بما يمثلان من ثقل اقتصادي وسياسي عالمي، وباستمرار التنسيق والعمل المشترك بالتأكيد سوف يتحقق المزيد.