كفاءة الضبط ويقظة المراقبة.. لماذا تعد “الجمارك” الحصن الأول في حماية المملكة؟
يثير ضبط الجمارك السعودية في ميناء جدة، اليوم (الاثنين)، كمية من حبوب الكبتاجون بلغت 1.3 مليون حبة، عُثر عليها مُخبأةً في إرسالية فراء قادمة من تركيا، سؤالاً ملحاً عن دور النظام التركي في إرسال شحنات المخدرات للسعودية، بالنظر إلى أن جمارك ميناء جدة أيضاً ضبطت في 16 ديسمبر الماضي شحنة مماثلة تتكون من 8.7 مليون حبة كبتاجون عثر عليها في إرسالية “جريش” قادمة من تركيا، وبالنظر كذلك إلى أن الجمارك السعودية ضبطت منذ أبريل 2020م أكثر من 12.5 مليون حبة، شحنت من ميناء إسكندرون التركي وحده، ما يشير إلى جهود منظمة من جانب النظام التركي لاستهداف السعودية بشحنات المخدرات، وهو ما يُستنتج من تكرار ضبط الشحنات القادمة من تركيا.
وتكرار ضبط شحنات المخدرات القادمة من تركيا يلغي إمكانية استبعاد المسؤولية عن النظام التركي، بل يثبتها، فسواء كان النظام متورطاً بالمشاركة في استهداف السعودية بشحنات المخدرات، أو متهاوناً عن عمد في تمريرها؛ فإنه يتحمل المسؤولية القانونية المباشرة عن تلك الجريمة النكراء، بحكم ما نص عليه البند الأول من المادة الثالثة لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية الصادرة عام 1988، الذي أوجب أن “يتخذ كل طرف ما يلزم من تدابير لتحريم الأفعال التالية في إطار قانونه الداخلي في حال ارتكابها عمداً: إنتاج أي مخدرات أو مؤثرات عقلية أو صنعها، أو استخراجها أو تحضيرها أو عرضها للبيع أو توزيعها أو بيعها، أو تسليمها بأي وجه كان أو السمسرة عليها، أو إرسالها بطريق العبور أو نقلها أو استيرادها خلافاً لأحكام اتفاقية سنة 1961، أو اتفاقية سنة 1971”.
فاتفاقية الأمم المتحدة السالفة، تجرم بوضوح تورط تركيا في إرسال المخدرات إلى السعودية، ومن ثم تحملها المسؤولية على ذلك، باعتبار أن ذلك المسلك يتناقض مع واجبات الدول كجهات محاربة للجرائم بمختلف أشكالها، لا سيما التي يترتب عليها التأثير على استقرار المجتمعات وصحة أفرادها، لكن كثرة ضبط الهيئة العامة للجمارك لشحنات المخدرات سواء المرسلة من تركيا أو غيرها من المصادر، يبرهن عما يتمتع به كوادرها من كفاءة في الضبط ويقظة في المراقبة، وما يستعينون به من أجهزة متقدمة في عملهم، ومراجعة إنجازات الهيئة في هذا الصدد خلال الفترة القريبة الماضية يبين مدى قوة هذه الكفاءة وجدارتها، فقبل نحو ثلاثة أسابيع ضبطت جمارك ميناء جدة أكثر من 15 مليون حبة كبتاجون، عُثر عليها مُخبأة في إرسالية “عنب”.
وقبل هذه الواقعة بأربعة أيام فقط، ضبطت جمارك منفذ الحديثة 2.6 مليون حبة كبتاجون، عُثر عليها مُخبأة ضمن إرساليتين وردتا للمملكة عبر المنفذ، وفي 29 يناير الماضي ضبطت جمارك ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام أكثر من 14 مليون حبة كبتاجون، عُثر عليها مُخبأةً داخل إرسالية ألواح خشبية، فخلال شهرين بما فيها عملية اليوم أحبطت الجمارك دخول نحو 33 مليون حبة كبتاجون إلى المملكة؛ ما يجعل منها الحصن الأول في حماية المملكة من وسائل الدمار والفتك، التي تتهدد مواطنيها، وتستهدف صحتهم، ويضاعف من أهمية دورها في ترسيخ الاستقرار المجتمعي لكل سكان المملكة.