“السعودية الخضراء”.. كيف ستخفض 10 مليارات شجرة درجات الحرارة في المملكة؟
خلال 90 يومًا فقط، هي عمر ما مرَّ من عام 2021، أطلق سمو ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، 11 مبادرة ومشروعًا في جميع القطاعات وجميع المناطق، وفق مستهدفات رؤية 2030. ومن بين تلك المشروعات الضخمة مبادرتا “السعودية الخضراء”، و”الشرق الأوسط الأخضر”.
وتنطلق المبادرتان الرائدتان من مسؤولية السعودية تجاه قضايا العالم البيئية، وتأتيان استكمالاً لجهودها في حماية كوكب الأرض خلال فترة رئاستها لمجموعة العشرين، وكونها إحدى الدول السباقة والرائدة في دعم جهود الحفاظ على المناخ، ومكافحة الاحتباس الحراري عالميًّا.
أهداف المبادرتَيْن
تستهدف المبادرتان رفع الغطاء النباتي، وذلك من خلال زراعة 10 مليارات شجرة داخل السعودية خلال العقود القادمة، ما يعادل إعادة تأهيل نحو 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة؛ ما يعني زيادة في المساحة المغطاة بالأشجار الحالية إلى 12 ضعفًا، تمثل مساهمة السعودية بأكثر من 4 % في تحقيق مستهدفات المبادرة العالمية للحد من تدهور الأراضي والموائل الفطرية، و1 % من المستهدف العالمي لزراعة تريليون شجرة.
كما تستهدفان إيقاف تدهور الأراضي، وحماية البيئة البحرية، وذلك عبر رفع نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30 % من مساحة الأراضي السعودية التي تقدر بـ(600) ألف كيلومتر مربع؛ لتتجاوز المستهدف العالمي الحالي بحماية 17 % من أراضي كل دولة.
إضافة إلى تقليل انبعاثات الكربون بأكثر من 4 % من المساهمات العالمية، وذلك من خلال مشاريع الطاقة المتجددة التي ستوفر 50 % من إنتاج الكهرباء داخل السعودية بحلول عام 2030م، ومشاريع في مجال التقنيات الهيدروكربونية النظيفة التي ستمحو أكثر من 130 مليون طن من الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى رفع نسبة تحويل النفايات عن المرادم إلى 94 %.
خفض درجات الحرارة
ولا تتوقف أهمية الأشجار المستهدف زراعتها خلال العقود القادمة على رفع مستوى جودة الحياة، وتحسين صحة المواطنين والمقيمين بتقليل الانبعاثات الكربونية، ومكافحة تلوث الهواء، بل إنها ستسهم أيضًا في خفض درجات الحرارة بما مقدراه نحو 8 درجات مئوية.
وتشير دراسة، أعدتها منظمة الحفاظ على الطبيعة، المعروفة اختصارًا بـ “TNC”، ومقرها الولايات المتحدة، إلى أن أشجار المدن قادرة على تبريد الهواء، وخفض درجات الحرارة بنحو درجتَين مئويتَين في المتوسط، فضلاً عن أن معدل تخفيض جسيمات التلوث بالقرب من شجرة يتراوح بين 7 و24 %.
وجسيمات التلوث المعروفة بـ”PM” هي جسيمات ميكروسكوبية، تعلق في رئات الأشخاص الذين يتنفسـون الهواء الملوث. ويمكن أن يتسبب التلوث الناتج من تلك الجسيمات في وفاة نحو 6.2 مليون شخص سنويًّا حول العالم بحلول عام 2050، وذلك بحسب ما أشارت إليه الدراسة.
وتقوم الأشجار والنباتات الأخرى بتبريد الهواء المحيط بها بشكل طبيعي عن طريق تظليل الأسطح، وإطلاق بخار الماء.. والأكثر من ذلك أن أوراقها تعمل وكأنها مرشحات تؤدي إلى خفض مستويات الجسيمات الدقيقة في الثلاثين مترًا المحيطة (قرابة 100 قدم) بنسبة تصل إلى الربع، ولها تأثير ملحوظ على العمل البيئي.
وتؤكد الدراسة العلمية أن دراسة فوائد الأشجار في 245 مدينة حول العالم أظهرت فوائد انخفاض تكلفة الأشجار مقارنة بالوسائل الأخرى في تبريد وتنظيف الهواء.
كيف سيتم تأمين المياه؟
من المنتظر أن يتم تأمين كمية المياه اللازمة لزراعة هذا العدد الهائل من الأشجار من خلال عدد من مصادر المياه، منها: استخدام المياه المعالَجة، كما سيكون هناك استخدام لمصادر المياه المتجددة، مثل مياه الأمطار، ومياه البحر، إضافة إلى استخدام بعض التقنيات الحديثة، مثل الاستمطار الصناعي.
كما ستعتمد السعودية على زراعة نوعيات من الأشجار المحلية والمتكيفة مع المناخ السائد في السعودية، التي لا تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه، بحسب ما أوضح وزير البيئة والزراعة والمياه عبدالرحمن الفضلي.