نائب وزير الشؤون الإسلامية: الخيانة من أعظم الجرائم بحق المسلمين وإمامهم
أكد نائب وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد عضو هيئة كبار العلماء، الأستاذ الدكتور يوسف بن محمد بن سعيد، أن مما اتفقت عليه الشرائع والعقول والأعراف استقباح الخيانة مهما كان سببها؛ فالشارع الحكيم أوجب أداء الأمانة، وعظّم أمرها في كتابه في آيات عدة، وحرّم خيانتها، فقال: {يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون} [سورة الأنفال:27].
وقال: “تنزه الله تعالى عنها، وتنزه عنها رسوله صلى الله عليه وسلم، ونزه الأنبياء قبله عنها. يقول الله تعالى: {وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم} [سورة الأنفال:71]”.
وأضاف: “لم يقل الله تعالى (فخانهم) مشاكلة لفعلهم، وإنما نزّه نفسه عنه لفظًا ومعنى”.
ومضى قائلاً: “روى أبو داود وغيره بسند صحيح عن مصعب بن سعد عن سعد قال: لما كان يوم فتح مكة أمّن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين، وسماهم.. فذكر الحديث”. وقال: “وأما ابن أبي سرح فإنه اختبأ عند عثمان بن عفان، فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبي الله، بايع عبد الله، فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثًا. كل ذلك يأبى. فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على أصحابه فقال: أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله؟ فقالوا: ما ندري يا رسول الله، ما في نفسك، ألا أومأت إلينا بعينك؟ قال: (إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين). وروى الإمام أحمد في مسنده وأبو داود في سننه وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك،ولا تخن من خانك)”.
وأضاف نائب وزير الشؤون الإسلامية: “فإذا كان المسلم مأمورًا بأداء الأمانة لمن ائتمنه، ومنهيًّا عن خيانة من خانه، فكيف إذا كانت الخيانة خيانة لإمام المسلمين وللمسلمين؟ وكيف إذا كانت لمصلحة عدو يسعى في الأرض فسادًا؟ فكيف إذا كان الخائن قد أقسم بالله يمينًا على أداء الأمانة وترك الخيانة، ثم نكص على عقبيه؟! يقول النبي – صلى الله عليه وسلم – فيما رواه مسلم في صحيحه: (إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء، فقيل: هذه غدرة فلان بن فلان). وفي لفظ (إن الغادر ينصب الله له لواء يوم القيامة، فيقال: ألا هذه غدرة فلان). ويقول النبي – صلى الله عليه وسلم – فيما رواه البخاري في صحيحه (قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرًّا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطِ أجره). ولم تكن العرب في جاهليتها تتمدح بالخيانة، بل كانوا يزدرون من يتلبس بشيء منها، وكانوا يتمدحون بضدها، وهي الأمانة؛ إذ في صدر الإسلام لم تكن الخيانة معروفة إلا من المنافقين. يقول النبي – صلى الله عليه وسلم – فيما رواه الشيخان (آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتُمن خان)”.
وتابع بأن “من أخزى الخزي وأعظم الجرم مَن يخون المسلمين في حرب أعدائهم المتسلطين على المسلمين، الباغين لهم العنت. وما سمعناه في إعلان وزارة الدفاع في السعودية عن خيانة ثلاثة من الجنود وطنهم، والتواطؤ مع العدو، لأمر يستهجنه أهل هذه البلاد. وأول من يستهجنه ذووهم وأهلهم الكرام، وزملاؤهم في جيشنا وأمننا وحرسنا الذين عُرف عنهم الولاء وحسن السمع والطاعة كما هي حال شعب المملكة العربية السعودية، فكيف تجرأ هؤلاء على طعن هذه البلاد في خاصرتها؟! ألم يعلموا أنه ما من أحد فعل فعلتهم إلا كُشف أمره؟ ولم يُعرف في تاريخ هذه البلاد من قام بمثل هذا العمل المشين إلا أخزاه الله على رؤوس الأشهاد {جزاء وفاقا} [سورة النبأ:26]،{ وما ربك بظلام للعبيد} [سورة فصلت:46]، { ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله} [سورة فاطر:43]”.
وقال: “إن من سنن الله تعالى الكونية أن من خان بلاده وأمته، وتعاون مع عدوها، فإن أول من يحتقره ولا يأتمنه هم مَن خان بلاده ودينه ووطنه لأجلهم، بل ليس هذا فقط عند المسلمين، بل حتى عند غيرهم. ولو أردنا سياق كلامهم لطال المقال، فكيف تسول للشخص نفسه فعل فعل يُصيِّره وضيعًا في الدنيا والآخرة؟”.
وختم قائلاً: “ما قامت به السعودية من حسم مادة هذا الشر النشاز لعمل مشكور، يشكره لها كل مؤمن ومؤمنة محب للخير والأمن والسلام”.
ودعا قائلاً: “اللهم احفظ علينا ديننا وأمننا واستقرارنا ورغد عيشنا، وأيِّد بالحق إمامنا خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده، واجزهما عنا خير الجزاء، وانصر جندنا على عدونا وعدوهم، وأمكن ممن أراد بنا شرًّا”.