“رؤية 2030”.. خارطة طريق تعيد صياغة السعودية لمستقبل أفضل وتعزز اقتصادها
في مثل هذا اليوم قبل خمس سنوات، وبمباركة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أعلن سمو ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، رؤية 2030؛ لتكون بمنزلة خارطة الطريق المثلى لإعادة صياغة السعودية الثالثة على أسس راسخة وثابتة، فضلاً عن إجراء تغييرات شاملة وإصلاحات اجتماعية وافية، تنقل البلاد إلى موقع آخر تمامًا غير الموقع الذي كانت فيه.
وجاءت الرؤية بأفكار جديدة، وتصورات حديثة، وبرامج كثيرة متنوعة، اعتقد البعض معها أنها ضربٌ من الخيال؛ من الصعب تحقيقه على أرض الواقع، ولكن ما هي إلا أسابيع قليلة جدًّا حتى أعلنت الرؤية قدراتها الاستثنائية على تفعيل وتحقيق كل ما وعدت به، ليس في الشأن الاقتصادي فحسب، وإنما في العديد من المجالات التي استهدفتها الرؤية بتعليمات مباشرة من سمو ولي العهد.
وجه السعودية
لم يكن موعد إعلان الرؤية قبل خمس سنوات عشوائيًّا، وإنما جاء وفق دراسات وأبحاث، أشرف عليها ولي العهد شخصيًّا، أكدت حتمية أن تتغير السعودية من الآن وفق رؤية واضحة المعالم، ومحددة الأهداف؛ لتعيد اكتشاف نفسها ومقدراتها من جديد؛ لتحسين وجه السعودية أمام العالم؛ لتكون دولة اقتصادية من الطراز الأول، ومنفتحة على العالم، وتواكب كل حديث ومتطور.
الكثيرون أكدوا آنذاك أن الرؤية تحمل برامج متداخلة، وأحلامًا من الصعب تحقيقها على أرض الواقع؛ وهو ما دعا البعض إلى إبداء التحفظ على توجهات الرؤية، خاصة عندما أكد ولي العهد لأول مرة في تاريخ السعودية رغبة البلاد في الاستغناء عن دخل النفط الذي ظلت خزانة الدولة تعتمد عليه منذ سبعينيات القرن الماضي. وكان الكل يتساءل: كيف تستغني السعودية عن النفط، وهو العمود الفقري لميزانية البلاد؟
لكن الرؤية خالفت جميع التوقعات، وأكدت أنها صادقة فيما وعدت به، وأنها قادرة على تحقيق أهداف قادة البلاد والسعوديين مجتمعة. وهذا الأمر دعا الكثيرين إلى التأكيد أن “رؤية 2030” كانت –ومازالت- السبيل الوحيد لإعادة صياغة السعودية، بل أكد البعض أنها كانت الوسيلة المثلى والنموذجية التي أنقذت اقتصاد السعودية من المصير المجهول الذي كان يتربص بها، خاصة بعد التراجع المخيف والمقلق في أسعار النفط، والانكماش الدولي في الاقتصادات العالمية.
مهندس الرؤية
تجليات الرؤية بلغت ذروتها في السنوات الماضية، عندما نجح الاقتصاد السعودي في تجاوز أزمة تراجع أسعار النفط، وأوجد مجالات اقتصادية أخرى قادرة على دعم الاقتصاد الوطني، مثل الترفيه، والتصنيع، والزراعة، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، واستحداث مجالات جديدة لم تنل حظها في وقت سابق، مثل السياحة والفندقة، اعتمادًا على مقدرات البلاد السياحية والترفيهية والتراثية. يُضاف إلى ذلك التوجُّه لتخصيص الأندية، ونقل التقنية، وتطوير الجامعات؛ لتكون موردًا للدخل، وليس العكس.
ويؤمن المحللون بأنه لولا رؤية 2030 لكان وضع السعودية اليوم صعبًا، خاصة مع جائحة كورونا التي دمرت اقتصادات العالم، وأربكت حساباتها.. ورغم ذلك كانت السعودية أكثر إنفاقًا على خطط مواجهة الرؤية؛ ويرجع الفضل في هذا ـ بعد الله ـ إلى رؤية 2030 التي يمكن التأكيد أنها نجحت حتى اليوم فيما وعدت به وسعت إليه. وهذا يُحسب لولي العهد الذي لن ينسى له تاريخ السعودية الحديث أنه عرّاب الرؤية، ومهندسها البارع.
الرؤية لم تنطلق من عشوائية أو ارتجالية أو حب جارف من قادة البلاد لتغيير وجه السعودية، ولكن انطلقت من دراسات مستفيضة وأفكار حكيمة، رأت أنه بالإمكان إعادة توظيف إمكانات السعودية من جديد بصورة أفضل، وفق برامج محددة المعالم والأهداف.