“الكاش”.. بوابة التستر التجاري وسرطان النظام الاقتصادي فما هي الحلول؟
تستغل بعض العمالة التعامل النقدي “الكاش”، للتهرب الزكوي والضريبي والتحايل على نظام مكافحة التستر التجاري؛ فالكثير منهم حتى اليوم يفضّل وربما يطلب الدفع النقدي بحجج كثيرة.
ويضطر المستهلك بحسن نية لمسايرتهم، ناهيك عن خطورة هذه الثغرة “الدفع النقدي” من مخاطر أمنية واقتصادية واجتماعية؛ فهي مراتع لغسل الأموال ومراوغات غير نظامية جوهرها ما يدار في الاقتصاد الخفي حتى لا تعرف الجهات المسؤولة حجم المدخولات، وما تجنيه العمالة التي تعمل لصالحها بما يسمى النسبة بين الكفيل والمكفول.
ومتى قلّصنا هذا التعامل المالي اختفى اقتصاد الظل وقضينا على التستر التجاري الذي ينهش اقتصادنا منذ سنوات من العمالة التي تزاحم السعوديين في سوق العمل، يقبضون الكاش ومن ثم يحولونه لبلدانهم الأصلية فلا يستفيد الاقتصاد الوطني من هذه الأموال العابرة للحدود.
وانتقد الاقتصادي عضو مجلس الشورى السابق الدكتور فهد بن جمعة هذه الممارسات، حيث أوضح أن هذه الجرائم تخرج من رحم التستر التجاري، تمارس هذه العمالة التجارة، ويستلمون جزءاً من المبالغ نقداً إن لم يكن كاملاً؛ حتى لا تكشف السلطة آثار جريمته الاقتصادية وتبقى خفية، ومن ثم يقوم بتحويل هذه الأموال غير الشرعية إلى بلده الأصلي من خلال وسطاء غير شرعيين أو في مبادلات عينية تعبر الحدود”.
وأضاف الدكتور “ابن جمعة” أن إلغاء نظام الكفالة واستحداث نظام التستر الجديد ونظام المدفوعات الإلكترونية سوف يسهم في الحد من ظاهرة التستر واستخدام التعاملات النقدية ولكن ينبغي صرامة التطبيق والمتابعة ووضع مؤشرات لقياس الأداء”.
وقال: “يعد التستر التجاري أحد مكونات الاقتصاد الخفي في اقتصادنا وبغطاء شرعي حيث يمارس العامل الأجنبي حريته الكاملة باسم كفيله (صاحب العمل) مقابل مبلغ شهري محدد يدفعه لكفيله حتى يستطيع ممارسة أعمال غير رسمية أو غير شرعية أو معاً، تدر عليه آلاف الريالات”.
وتابع: “إن هذه الممارسات للأسف أساسها السعودي (صاحب العمل) الذي يتستر على عمل الأجنبي في الاقتصاد الخفي المرتبط ببيع المخدرات وغسيل الأموال وأعمال أخرى لها انعكاسات سلبية وخطيرة على الاقتصاد الوطني من زيادة البطالة وعدم رغبة العاملين في الاقتصاد الخفي في البحث عن وظائف مشروعة، وحرمان الشباب من امتلاك مشروعاتهم الصغيرة تهرب زكوي وضريبي يقلّص من إيرادات الدولة التي تدعم تنمية المشروعات الاقتصادية والاجتماعية لخدمة المواطن”.
وواصل: “كما أنه يكبد الصناعات المشروعة خسارة كبيرة لعدم قدرتها على منافسة العمليات غير المشروعة ذات التكاليف المنخفضة وفي بعض الحالات يؤدي إنشاء السوق السوداء إلى النقص في السلع القانونية عمداً لإجبار الناس على الشراء منها تشويه الإحصاءات الاقتصادية حيث يكون إجمالي الناتج المحلي أقل من المتوقع مما يترتب عليه صناعة قرارات وسياسات اقتصادية خاطئة”.
واستطرد: “وبرغم ارتفاع قيمة المبيعات عبر نقاط البيع خلال السنوات القليلة الماضية إلا أن مؤشر عرض النقود المتداولة خارج المصارف استمر في الارتفاع بشكل مستدام حيث ارتفع (5 %) في 2018 مقارنة بعام 2017 إلى أكثر من (180) مليار ريال، وهنا نتساءل عن استخدامات هذه النقدية وكيف تتم متابعتها للتأكد أنها تستثمر في أعمال شرعية ويتم استيفاء الزكاة والضرائب على مدخلاتها”.
وأكّد: “لأن المعاملات في الاقتصاد الخفي تجري على شكل مدفوعات نقدية وكلما زاد حجم الاقتصاد الخفي زاد الطلب على النقود المتداولة التي تنقلنا من الاقتصاد الرسمي إلى الاقتصاد الخفي الذي يمثل الفرق بين الطلب على النقود في الاقتصاد ككل والطلب على النقود اللازمة لتمويل معاملات الاقتصاد الرسمي وبهذا يمكن قياس سرعة تداول النقود في الاقتصاد الخفي بمقارنة سرعة تداول النقود في الاقتصاد الرسمي في حالة غياب الاقتصاد الخفي خلال الفترة الزمنية التي تفصل بينهما”.
واختتم: “إن أفضل الحلول لمكافحة التستر هو الحد من استخدام النقود وإلزام جميع المحال باستخدام المدفوعات الإلكترونية وبمراجع قانوني خارجي لهذه المحال شهرياً مهما صغر حجمها”.