الأخبار المحلية

“تسعيني” يروي صعوبة الحياة في الماضي ويكشف تفاصيل معاصرته للملك عبدالعزيز

روى تسعيني من أهالي الهدار في محافظة الأفلاج، تفاصيل عن معاصرة الملك عبدالعزيز، وصعوبة الحصول على لقمة العيش في الماضي وسرّ تمسكه بسيارته منذ 40 عاماً.

وقال عبدالله بن صالح آل وحيد لـ”سبق”: “عشنا في الزمن الماضي، كان الشخص لا يجد قوت يومه، بل نظل أيام لا يجد الإنسان ما يأكله، ففي يوم من الأيام ذهب والدي وشقيقتي الكبرى للرياض وبقيت أنا ووالدتي ثلاثة أيام بلا طعام، وكنت أبكي من شدة الجوع، فأشفقت عليّ والدتي، وقامت ببيع أحد أواني المنزل بريال فرنسي، وعلى الفور ذهبت بالمبلغ لأحد باعة التمر لشراء تمر لي ووالدتي، وكنت في قمة السعادة”.

وأضاف: “بعد الوصول للتاجر وإعطائه الريال؛ بهدف شراء كمية منه مقابل المبلغ، قال التاجر: هناك مبلغ ريال مطلوب سداه من والدك، وأخذ المبلغ ولم يعطني شيئاً، فرجعت على والدتي باكياً”.

وتابع: “كانت والدتي تجمع الحنظل (الشري) اليابس وتطحنه وتضعه في ماء ساخن ثم تضيف عليه قليلاً من سمن الغنم ونأكله، وكانت هذه الوجبة تسمى (المخرقة)، بل إنه من شدة احتياج الناس في ذلك الزمن للأكل يتم حجز قوائم (المعاويد) وهي حي، بوضع علامة في أطراف الجمل الهزيل المنهك من الاستخدام في استخراج مياه الآبار؛ لأكله بعد التيقن من موته من الهزل، ولم يقتصر على ذلك فحسب، بل كنا نأكل بذور السرح والنباتات في أوقات الربيع”.

ومضى قائلاً: “كنت أعمل في تقطيع الحجارة بهذه المرزبة، التي ما زلت أحتفظ بها؛ لأنها كانت مصدر رزقي ووالدي، وكنت أتقاضى أجراً شهرياً حوالي نصف ريال في الشهر، وبعد أن جمعت مبلغاً من المال ذهبت من الهدار مشياً على الأقدام للسيح شرق الأفلاج؛ بهدف طلب الزواج، وبعد الوصول للعائلة التي كنت أرغب الزواج منها أفادوني بأن الفتاة التي كنت أرغب في زواجها تقدم لها شخص آخر، وهذا هو مهرها، فرجعت للهدار بعد أن قطعت نحو 240 كم مشياً على الأقدام”.

معاصرة الملك عبدالعزيز

وقال: “كنت أعمل في غرس التفاح بالناصرية، ومع مرور الملك عبدالعزيز أثناء ذهابه لقصر الحكم استدعاني أحد الأشخاص ودعاني، كان يعمل مع الملك ويعرفني، فقال لي: تعال في مضوف قصر الملك، وعند سؤالك ادّعِ إنك ابني؛ وذلك بهدف تأمين قوت يومي من مضوف الملك، واستمر ذلك لأيام، بعدها طلب مني المسؤولون بالقصر استمرار العمل معهم بالقصر، ومن هنا بدأت رحلة عملي في قصر الملك عبدالعزيز التي امتدت لسنوات؛ حيث كنت أقطع الحجارة لبناء جامع الملك عبدالعزيز بهذه المرزبة التي ما زلت أحتفظ بها”.

وتابع: “من المواقف إبان عملي مع الملك عبدالعزيز في يوم من الأيام أتوا برجل، وأبلغوا الملك بأن ذلك الرجل يحمل أسطوانة أغانٍ، فحُكم عليه بالجلد وتكسير أسطوانته”.

خبر وفاة الملك عبدالعزيز

وقال: “ذهبت برفقة أربعة آخرين؛ بهدف جمع الفحم غرب الهدار، وبعد أيام من التنقل لجمع الفحم أخبرنا قائد المركبة بنفاد وقودها في منطقة صحراوية، وأثناء التساؤل عن طرق النجاة من معاناتنا والذهاب يميناً ويساراً للبحث عمن ينقذنا فوجئنا بانهمار قائد المركبة بالبكاء الشديد، ليخبرنا بوفاة الملك عبدالعزيز، وقد سمع ذلك النبأ من جهاز راديو كان معه، بعدها أيقنّا بالموت وخفنا من قطاع الطرق، فعزمنا على السير على الأقدام للهدار، واستمر السير 4 أيام من دون أكل أو ماء، وكان الوقت في فصل الشتاء القارص، فعند المبيت نقوم بحفر حفر عميقة في التراب وندفن أجسامنا من شدة البرد حتى وصلنا للهدار بعد أربعة أيام سيراً على الأقدام.

وعن سر تمسّكه بمركبة “جيب موديل 82” قال: “هذه المركبة اشتريتها قبل نحو 40 عاماً بمبلغ 22 ألف ريال، ولا تزال وسيلة تنقلي حتى اليوم، رغم عرض أبنائي عليّ العديد من المركبات الجديدة، وما زلت متمسكاً بها؛ لأن الجميع يعرفها، وعند مرور الآخرين على منزلي يشاهدونها فيعرفون أنني في المنزل ويزورونني”.

واختتم موجهاً رسالة لأجيال اليوم بقوله: “احمدوا نعمة رغد العيش الذي تنعمون به في وقتنا الحاضر بفضل الله ثم قيادتنا الرشيدة، فلو عاصرتم معاناة الماضي وصعوبة الحصول على ما يسد رمق الجوع لأدركتم ما تنعمون به”.