والد غريق القريات.. في الشدائد تولد المواقف
والد غريق القريات في مقطع فيديو:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين: “رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا”.
تتفاعل مشاعرنا وأحاسيسنا وتتأثر بما نشاهده وما نسمعه وما يحدث حولنا، هكذا نحن البشر.
وإن من السنن الكونية وقوع البلاء والابتلاء على المخلوقين اختبارًا لهم، كما قال تعالى: “كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ”.
والمصيبة مؤلمة والناس يتفاوتون في درجات تحملهم لها، فهناك من يملكون قدرة عالية على تحملها وكيفية التعامل معها.
وإن فاجعة الموت التي تخطف منا الأحباب وتخطف معها قلوبنا المتعلقة بهم هي – بلا شك – فاجعة عظيمة، خاصة إذا كان هؤلاء الأحباب هم الأولاد فلذات الأكباد وثمرات الفؤاد؛ فإن ذلك من أعظم ما يمتحن الله به الإنسان في هذه الحياة، لذا كان ثواب الصبر عليها والتسليم لقضاء الله وقدره فيها ثقيل في الميزان، وفي حديث أبي موسى رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ قال: إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: فماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة، وسموه: بيت الحمد”.
كنت واحدًا من أولئك الذين شاهدوا مقطع الفيديو لعلي بشير والد غريق القريات تركي رحمه الله عقب العثور على جثة ابنه، وما قاله الأب المفجوع من عبارات التسليم لأمر الله والرضى بقضائه عن طيب خاطر نتيجة إيمانه القوي بالقضاء والقدر (خيره وشره).
إنها المصيبة تصيب العبد فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم لقضاء الله وقدره.
والإنسان المؤمن يجد أنه لا يملك من أمره شيء، لذا يوطن نفسه على الصبر امتثالا لقوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ”، وكما قال الشاعر:
ولا خير فيمن لا يوطن نفسه ****** على نائبات الدهر حتى تنوب
وعلينا التضرع إلى الله دائمًا في صلواتنا وخلواتنا بأن يلهمنا الصبر والقوة على مواجهة الشدائد والمحن، وأن يلطف بأقدارنا لنخرج منها سالمين آمنين غير مفتونين.
رحم الله الفقيد وتقبله شهيدًا وشفيعًا لوالديه، واللهم أجبر مصاب أمه وأبيه وجميع محبيه، واجمعهم به في جنات النعيم يا رب العالمين.
والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه: الدكتور نايف بن علي السنيد الشراري