الأخبار المحلية

حجاج العراق: من “الرافدين” لـ”محراب الرحمن”

بمشاعر إيمانية حاضرة، وجوارح خاشعة، يحضر الحجاج من كل فج عميق، موليّن وجوههم شطر المسجد الحرام ومشاعره المقدسة، في كل موسم عام، طامعين في مناديل الرحمة، وقناديل العفو والصفح الإلهي، يوحدهم المكان، والزمان، والدين، واللباس، رغم تباين العرق، والجنس، واللغة.

القارئ لتلك الوجوه التي جاءت تقبل كل الخطى لتتنسك دموعهم في محراب خالقهم، وليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات، يكتشف في قسمات وجوه البعض قصصاً ستبقى معلقة في جدار العمر، على الأرجح بالنسبة لهم.

أمنيات ضيوف الرحمن وقصصهم ستبقى معلقة على جدار العمر
تمنى ذلك السبعيني الذي التقيناه في مخيم خاص بالحجاج العراقيين أن يحج منذ وقت طويل، غير أن رغبته الإيمانية تعززت في السنوات الخمس الأخيرة، دون أن يحالفه الحظ بأن يعيش تجربة روحانية في المواسم الماضية.

في العامين الأخيرين حاول أن يؤدي شعيرة الحج، بيد أنه لم يستطع القدوم؛ نظراً إلى ظروف الجائحة التي تركت ندوبها الغائرة على وجه العالم، حسب ما أكده، لكن بعد سنوات الانتظار وخاصة الخمس الأخيرة، ابتسم القدر له بأن يتم شعائر الله ويكمل فريضته، وبلهجته العراقية قال الحاج العراقي، كاظم هادي “هاي السنة الله قسمها”.

وبمجرد إتمام شعيرته، وإنهاء نسكه، فإن حقيبة السبعيني هادي ستحمل لأسرته العطور، والملابس، ومجسمات “الكعبة” وبعضاً من التحف لتقديمها لهم حينما يصل إلى بلاده؛ إذ تمثل تلك الهدايا ذكرى لرحلة العمر الإيمانية.

وتنقلت “أخبار 24” داخل المخيم الخاص بالحجاج العراقيين، وكان معظمهم نائمين. بينما تفوح من داخله روائح الأكل. فيما تحتشد الغالبية لتجاذب القصص والحكايات وتناول وجبات الطعام في صحون بلاستيكية، يطوف بها عاملون آسيويون فوق رؤوس حجاج البعثة.

أوقات الحجاج داخل المخيمات وتبادل تهنئاتهم بحلول العيد
في الوقت ذاته، يستثمر البعض وقت بقائه في المخيم بالتحدث مع أسرته عبر قنوات الاتصال المرئية؛ من أجل أن يخبرهم عن رحلته، ومشاهداته، ويتبادلون مشاعرهم، وتهنئاتهم القلبية بمناسبة حلول عيد الأضحى.

ولم يبخل أولئك الحاضرون في المخيم على غرار غيرهم، بأن تَسكب قلوبهم عبارات التبجيل والمحبة والثناء تجاه حكومة المملكة، لما بذلته في سبيل تسخير رحلتهم.

وفي ذلك المخيم؛ تشابهت قصة شاكر محمود رشيد السبعيني، بقصة السبعيني هادي؛ إذ يتمنى الأول العودة مرة أخرى لخوض تجربة الحج، ويؤكد انتظاره لأربع سنوات، وبعدئذ أصاب العالم “كورونا” ولم يذهب للفريضة. بعراقيته قال: “هسه الحمدلله وخير من الله والحملة ما قصروا معنا”.

يضيف شاكر الرشيد أنه قدم للعمرة في عام 2010، لكنها المرة الأولى التي يحج فيها، يرافقه شقيقه أيضاً في هذه الرحلة الإيمانية، لافتاً إلى أنه قرر الحج منذ 5 سنوات، فيما تسنى له أداء الفريضة في هذا الموسم.

اشتريت أشكالاً وألواناً من الهدايا لأبنائي وعوائلنا وأحبابنا وأهالينا
وبمجرد مغادرتنا للمخيم، التقينا بعدد من النساء اللواتي شددن وثاقهن إلى الله بحبل التوحد. حضرت تلك الحاجة العراقية، يغشاها التعب، جلبنا لها “عربية خاصة” لكي تستقر على مقعدها، وقالت قنديلة السعيدي السبعينية، إن أداء فريضة الحج، حلم يراودني منذ زمن؛ إذ أرغب بالعودة للحج مرة أخرى، وبهذا الموسم أكون استطعت أداء فريضة الحج للمرة الثالثة في حياتي.

تقول السعيدي، وهي أم لخمسة أبناء وتتحدر من مدينة ذي قار العراقية “إنني اشتريت أشكالاً وألواناً من الهدايا لأبنائي وعوائلنا وأحبابنا وأهالينا، الله تمم علينا هذا العام بأداء فريضة الحج، وحضرت برفقة زوجي، وأتمنى العودة دائماً”.

وأبدت السبعينية العراقية إعجابها اللافت بالخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، مشيدة بالجهود السعودية في هذا الإطار؛ لتمكين المسلمين من أداء شعائرهم بيسر وسهولة.