الصقر والحبارى
من أجمل الطيور وأرقاها الصقر..
ذلك الطائر الشامخ الذي يرتبط
بالجسارة والقوة والعلو والعزيمة والشجاعة والسرعة والصبر، وقوة
التحمل والانقضاض والكر والفر والارتفاع والهبوط، حتى يصل إلى
مبتغاه. ولهذا فهو طائر النبلاء والقادة والمميزين الذين وجدوا في هذا
الطائر إرضاءا لتطلعاتهم وذواتهم الطامحة للعلو والشموخ والقوة
والشجاعة..
ويقابل الصقر طائر جميل مثير نادر وغال وصعب المنال وهو طائر
الحبارى، والذي يجد الجادون والعسس للبحث عنه، ويستمتع الجميع
في التحليق والكر والفر والانقضاض والمراوغة، وفصلٌ في السرعة
والمهارة قد تستمر لعدة دقائق تنتهي إما بفوز الصقر وانقضاضه على
فريسته، أو بنجاح الحبارى فـي التخلص من الصقر، وابتعادها عنه بحثاً
عـن الحيـاة وتجنبـاً للمـوت وهرباً من جوع الصقر وهجومه الجسور
عليها..
وفي الحياة أمثلة من طريقة الصقر والحبارى يمكن تطبيقها على
أسلوب طريقتنا في التعامل مع ما يواجهنا من مشاكل، فالصقر
يستطيع اصطياد الحبارى -في أغلب الأحيان- رغم أن الحبارى أسرع
من الصقر؛ والسبب في ذلك أن الحبارى تلتفت باستمرار إلى الخلف،
فتتأخر سرعتها، بينما عين الصقر إلى الأمام، شامخاً نحو هدفه ولا
ينظر خلفه، وبالتالي يصل إلى الحبارى لكثرة التفاتاتها القلقة المتكررة
التي لا تنفك تنظر إلى الخلف.
وأسلوب الصقر هذا هو ديدن حياة الناجحين، من حيث وضوح
الهدف، والإصرار عليه، والجدية في نيله، وعدم الالتفات إلى الخلف،
وبالذات من يحاول الإساءة إليك؛ لأنك بذلك تشغل نفسك ووقتك في
ماضٍ لا يفيد. ولو حاول الإنسان الالتفات والرد على كل من يسيء
إليه، فإن ذلك من شأنه أن يثبط من عزيمته، ويقلل من تطلعه إلى
الأمام.
لذا اعمل خيراً وستجده عاجلاا أو آجلاا، ولا تربط ذلك بنتيجة أو
مصلحة، وكن متسامحاً تعفو وتصفح، وتتجـه إلى الأمـام، وليس إلى الخلف ؛ لأنك هنا تضيّع وقتك في محاسبة الآخرين أو اصطياد أخطائهم،
بينما المطلوب هو البعد عنها ونسيانها، ولابد أن يأتي ذلك اليوم الذي
تجني فيه ثمار عملك هذا.