“الراجحي”العالم مقبل على أزمة في اللحوم البيضاء عام 2015م
[COLOR=green]صحيفةطبرجل الإخبارية-الرياض[/COLOR]
أكد الدكتور محمد سليمان الراجحي في حوار أجرته معه صحيفة الجزيرة في عددها اليوم، الرئيس التنفيذي لأضخم منشأة دواجن على مستوى الشرق الأوسط، وإحدى أكبر الشركات في قطاع الدواجن في العالم لدواجن الوطنية أنه في ظل انخفاض الدعم الحكومي العربي لصناعة الدواجن فإن ثمة أزمة على وشك الحدوث بعد أقل من أربع سنوات من الآن، ستكون لها تداعيات سلبية ومؤثرة في الأمن الغذائي العربي بوجه عام، ما هذه المشكلة.
وقال “الراجحي”: إن تطبيق وتفعيل مبادرة خادم الحرمين الشريفين للأمن الغذائي يحتاجان إلى اهتمام ورعاية المسؤولين بالمملكة؛ حتى لا تتعرض الجهود التي يبذلها القطاع الخاص في الاستجابة للمبادرة إلى الضياع أو إصابة العاملين في هذا القطاع بالإحباط، وتناول المزيد من الجوانب في مجال صناعة الدواجن الآتي:
بداية حدثنا عن أسباب الإقبال الكبير على الدواجن في السنوات الأخيرة..
قال ان الارتفاع المتتالي لأسعار اللحوم الحمراء في أسواق المملكة والعالم العربي جعل الكثير من المستهلكين يتجه إلى الدواجن، واعتمدوها غذاء أساسياً باعتبارها مفيدة صحياً، وذات سعر في متناول الميزانية الأسرية، بالمقارنة باللحوم الحمراء، لكن هؤلاء ربما يداهمهم القلق إن عرفوا أن تلك اللحوم البيضاء تواجه مشكلة كبرى وخطراً يهدد استمرارية وجودها في الأسواق بالأسعار التي اعتادوها، في ظل أزمة عالمية تزداد تداعياتها يوماً بعد آخر.
وذكر أن المشكلة تكمن في ارتفاع أسعار أعلاف الدواجن ببعض الدول المنتجة والمصدرة نتيجة ارتفاع أسعار مدخلات الدواجن، وبالأخص الذرة الصفراء، التي تُعتبر المصدر الرئيس لغذاء الدواجن، وتمثل النسبة الأكبر في تكلفة إنتاج الدواجن؛ حيث تزيد تكلفتها على”60 %” من تكلفة صناعة الدواجن. ويأتي هذا الارتفاع للتراجع النسبي في إنتاج الذرة الصفراء عالمياً؛ وذلك نظراً إلى الفيضانات الأخيرة في بعض الدول التي أثرت في كمية الإنتاج، ومن جهة أخرى الارتفاع المتجدد لأسعار النفط؛ ما أدى إلى زيادة معدل الاستخدام السنوي لإنتاج الوقود الحيوي الإيثانول من الذرة، المسمى بالوقود البديل، والمتوقع أن يتجاوز”130″مليون طـن بحلـول” 2015م”، كما أضاف أن أضيف إلى عدم وضوح الرؤية حول سيطرة الحكومة اليابانية على التسريبات الإشعاعية في مفاعل فوكشيما، الذي قد يتسبب في تلوث إشعاعي لمنتجات الحبوب للدواجن في الدول القريبة من اليابان كأستراليا وروسيا؛ ما يسبب عزوفاً في الأسواق العالمية عن هذه المنتجات والحظر على استيرادها للحفاظ على سلامة البشر بما يزيد الطلب ويرفع الأسعار لمنتجات ومحاصيل دول الغرب البعيد عن هذه التلوثات.
وعن تصنيفه للدواجن وأهميتها من بين الحيوانات المزرعية ،والخطة الاستراتيجية لضمان تحقيق الأمن الغذائي في العالم العربي.
قال أن الدواجن تأتي في مقدمة الحيوانات المزرعية المنتجة للمادة الغذائية الأساسية التي يحتاج إليها الإنسان بوصفها مصدراً سريعاً للبروتين الحيواني، وبأسعار تتناسب مع محدودي الدخل، وتمتاز بسرعة التكاثر وقِصَر دورة الحياة وارتفاع الكفاءة الإنتاجية؛ ما يجعلها مساهماً كبيراً في تحقيق الأمن الغذائي. ولو نظرنا إلى استثمارها داخل المملكة فقد بلغ مجموع المبالغ المستثمرة في صناعة الدواجن ما يزيد على”31″ مليار ريال؛ وهي لذلك تعتبر من أهم الصناعات في المملكة، كما أن لأهمية وجودها البالغة دوراً كبيراً في نجاح استثمارها باعتبارها تمس الاحتياجات الغذائية الأساسية لدى الكثيرين، خاصة محدودي الدخل، وهم الغالبية في العالم العربي؛ فإن الدواجن هي ضمن الاختيار الأول للمستهلك وطنياً وإقليمياً وعالمياً، خاصة أن صناعة الدواجن خلال العشرين سنة الماضية تكونت بصورة ممتازة عن طريق التحكم في التربية والرعاية والوقاية من الأمراض التي تصيبها, باستخدام طرق التفريخ الصناعي للبيض التي أدت إلى زيادة الكفاءة الإنتاجية لكل دجاجة مع إنتاج عدد كبير جداً من الكتاكيت في الدفعة الواحدة عن طريق استخدام المفرخات والفقاسات الإلكترونية المبرمجة في الصناعة المكثفة للدواجن، التي وفرت لعملية الفقس الظروف المناسبة للنمو والفقس.
وقد ذكر أن المنعطف الأساسي في رسم ملامح تحقيق الأمن الغذائي في العالم العربي يجب أن ينبع من مصلحة الشعوب العربية سعياً لخدمتهم، كما أن القطاع الخاص يستطيع أن يأخذ على عاتقه أكثر المسؤوليات تعقيداً شريطة أن يكون طريقه ممهداً وخالياً من العراقيل الحكومية، وأن يتم دعمه بشكل حقيقي، فإن لم تصدر الحكومات العربية قراراتها وقوانينها مستندة إلى مصلحة مجتمعاتها فإنه من الصعب أن يتحقق الأمن الغذائي.
وعن ما الذي يحتاج إليه صُنّاع الدواجن ومستثمروه لإرضاء المستهلك؟ وما المستلزمات الأساسية التي يفتقرون إليها، بعد هذه الظروف التي يواجهها الأمن الغذائي في العالم العربي ما موقف”دواجن الوطنية” من الاستثمار الخارجي.
وذكر إن ما تواجهه صناعة الدواجن وما يعانيه العاملون فيها تتمثل في تحديات كبيرة في توفير مستلزماتها بأسعار لا تؤثر في ميزانية الأسرة؛ حتى لا يتحمل المستهلك فارق توفير تلك المستلزمات، إلى جانب ما تعانيه صناعة الدواجن من مشاكل أخرى تتمثل في الإغراق الذي تواجهه من جانب منتجات الدواجن الأجنبية، نتيجة الدعم الكبير الذي توفره الدول المصدرة لتدعم مزارعيها؛ ما يجعل أسعارها في الغالب أقل من الشركات الوطنية، ولأن بعض الناس يبحثون عن السعر الأقل دون الجودة فإن إقبالهم على تلك الدواجن يتم بشكل أعلى من الإقبال الذي تحظى به المنتجات الوطنية المتوافر فيها جميع شروط السلامة، خاصة الذبح على الطريقة الإسلامية وضمان جودة ونوعية التغذية؛ ما يعني تعرض منتجي الدواجن المحليين لخسائر تتراوح من”10 15″ %، وفيما لو استمر هذا الوضع فإنهم مهددون بالإفلاس في يوم ما؛ نظراً إلى أن تربية الدواجن في المناطق الحارة والعالية الرطوبة تكلف أكثر من تربية الدواجن في المناطق الباردة، نتيجة ما تسببه الرطوبة من ارتفاع في معدل النفوق، أي أن منتجي الدواجن في البلاد العربية يواجهون مصاعب لا يواجهها المنتجون في الخارج، وهذا أدعى إلى الحرص على حمايتهم حماية لصناعة الدواجن نفسها. وأود أن أشير إلى أن حكومات الولايات المتحدة ودول أمريكا الجنوبية وأوروبا عملوا منذ مئات السنين على حماية ودعم مزارعيهم لإبقائهم عاملين بحماس لتأمين أوطانهم غذائياً، وتحسين الإنتاجية لسلامة الغذاء وتخفيف الكلفة وحماية البيئة. ولقد عهدت الولايات المتحدة وأوروبا مؤخراً إلى المزارعين بمهمة إنتاج الوقود المتجدد من خلال التمويل والحوافز المادية؛ ففي الولايات المتحدة الأمريكية هنالك”قانون الزراعة”الذي يعاد النظر فيه مرة كل خمس سنوات من أجل التأكد من المعاملة العادلة والدخل اللازم لهؤلاء المزارعين الذين يسعون بدورهم للوصول إلى الأهداف المرسومة لتحقيق الأمن الغذائي لأوطانهم.
وقال عن المملكة تأتي مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – وفقه الله – للاستثمار الزراعي في الخارج؛ لتكون أول ملامح خطة تحقيق الأمن الغذائي العربي من خلال توفير الدعم الكامل للمستثمرين الزراعيين للانطلاق إلى المناطق والدول ذات المقومات الزراعية والاستفادة من خبراتهم في استصلاح أراضي هذه المناطق بما يعود بالنفع على بلادنا والبلاد الأخرى؛ لكي تكون بداية المشوار في الاكتفاء من الغذاء المستورد ودعم الاقتصاد المحلي والعربي. ولتكتمل هذه المبادرة وتعطي النتائج المأمولة منها فإننا نحن المستثمرين نأمل من الجهات التنفيذية في المملكة أن تسعى بشكل قوي في سبيل تحقيق العوامل المساندة لإنجاحها، من حيث تأمين الغطاء والدعم السياسي وتأمين الحماية لهذه الاستثمارات من خلال الاتفاقيات الحكومية، فيما على الدول العربية أن تكون لديها استراتيجية واضحة تجاه توفير البيئة الاستثمارية المناسبة وسَنّ القوانين المنظمة للعمل والمحفزة للنمو فيه؛ لتكتمل عوامل النجاح الزراعية والغذائية في سبيل تحقيق أمن غذائي عربي.
وإن مجموعة الراجحي لم تقف مكتوفة الأيدي أمام الظروف الصعبة التي يواجهها الأمن الغذائي العربي، ولم تكتف بتوجيه المطالبات والنداءات، وإنما بادرت إلى ابتكار حلول لتلك الصعاب من خلال تعاطيها مع مبادرة خادم الحرمين الشريفين – وفقه الله – للاستثمار الخارجي؛ فأقامت شركة الراجحي الدولية مشروعاً زراعياً بولاية نهر النيل شمال السودان، قامت فيه الشركة بحفر القنوات من نهر النيل بامتداد”5″ كيلومترات؛ لتروي كامل المشروع من مياه النيل، الذي ينتج أنواعاً مختلفة من الحبوب كالقمح والذرة والشعير، وقد تم استزراع أنواع من البذور لأول مرة في السودان واستخدام تقنيات جديدة فيها أثبتت نجاحها، كما توجهت الشركة إلى الاستثمار في مصر؛ فأقامت مشروعاً لإنتاج القمح في منطقة توشكى، وأثبت المشروعان نجاحاً كبيراً، وأثبت مجدداً مدى عمق ورؤية خادم الحرمين الشريفين في تحقيق الأمن الغذائي للشعوب العربية، كما لاقى المشروعان دعماً من حكومتَيْ البلدين الشقيقين. ولم تكتف الشركة بزراعة القمح والذرة، وإنما أقامت مشروعاً لدعم الأسواق المصرية بالدواجن، ويُعدّ المشروع أحد مرتكزات الأمن الغذائي بمصر – بإذن الله – .
وذكر انه سيكون له العديد من الإسهامات على مستوى الاقتصاد المصري من خلال توفيره”12000″ فرصة عمل بعد اكتمال مراحله الأربع، إضافة إلى مساهمته ودعمه الشباب المصري من خلال توقيع اتفاقيات نظام الامتياز التجاري “الفرنشايز” لمحال بيع الدواجن بالسوق المصرية.