النائب الثاني: إيران تستهدف أمن المملكة
أكد الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لمجلس الوزراء وزير الداخلية، أن المملكة تظل هدفا للإرهاب الذي تدعمه جهات خارجية، وأن إيران دولة تستهدف أمن الوطن، وقال: ‘الشرور محيطة بنا في كل مكان، والاضطرابات تعرفونها في عدد من الدول العربية وفي أجزاء من العالم، فنحن محاطون بمشكلات العراق من الشمال، واليمن من الجنوب، ومشكلات إيران واستهدافها المملكة، ومشكلات إفريقيا من الغرب، لكن مع هذا كله أنتم أبناء الوطن وتعيشون الواقع’.
وشدد النائب الثاني، البارحة الأولى، خلال حديثه لأعيان مكة المكرمة وعدد كبير من المسؤولين ورجال المال والأعمال والإعلام، على أن المملكة ستظل محافظة على ما يجتمع عليه أغلبية المسلمين في العالم، مذهب أهل السنة والجماعة، وذلك للقناعة الكاملة بهذا المذهب، الذي يأتي طاعة لما أمر الله – سبحانه وتعالى – به في كتابه وسنة نبيه محمد – صلى الله عليه وسلم، مشيراً إلى أن هناك من يحاول أن يشكك في ذلك أو يبعد عن مسار الإجماع تحت دعاوى التقدم.
أشار الأمير نايف إلى أن النصر يأتي بالتمسك بالكتاب والسنة المطهرة، مؤكدا أن الإسلام لا يتعارض مطلقاً مع (أي شيء فيه أمر تقدمي) لهذه الأمة على كل الأصعدة والعلوم وفي مجالات متعددة كالتقنية والهندسة، وهو ما تأخذ به حكومة خادم الحرمين الشريفين عن طريق التوسع في الجامعات والابتعاث، حيث تم قطع خطوات كبيرة بهذا الشأن وما سيأتي أكثر.
وقال النائب الثاني خلال تشريفه مأدبة عشاء أقامها رجل الأعمال عبد الرحمن فقيه، رئيس مجلسي الإدارة في شركة جبل عمر للتطوير وشركة مكة للإنشاء والتعمير: ‘الحقيقة تؤكد أننا سنظل مستهدفين من الإرهاب والإرهابيين، وسيبقى الإرهاب يحاول استهدافنا ومن خلفه جهات أخرى تدعم ذلك الاستهداف، ونحن ندرك ذلك ومستعدون له معتمدين على الله – عز وجل – ثم على رجال الأمن من أبناء الوطن، أكفاء قادرين على أن يقوموا بواجباتهم، وأنا على قناعة وما زلت أقولها إننا مؤمنون بمقولة المواطن هو رجل الأمن الأول، ولا بد أن تتحقق هذه المقولة، وهذا فعلياً ما هو حاصل، ونطلب من الله المزيد بالأمن، أمن الجميع والوطن وطن الجميع، مطالباً بتكثيف الجهد والتعاون، حيث يرى أنه في حال عدم تكثيف الجهود للتكاتف والتعاون لحماية أمننا واستقرارنا فلن يتحقق لنا ما نريد.
وكشف الأمير نايف، أن هناك دراسات موجودة حالياً لتوسعة صحن الطواف، إلا أن هناك حاجة ماسة نحو الحلول العملية التي يكون تنفيذها لائقاً ببيت الله الحرام والكعبة المشرفة، التي هي محل اهتمام خادم الحرمين الشريفين شخصيا، مبيناً أن أي آراء هندسية ستتم الموافقة عليها بعد أن تستند إلى الموافقة الشرعية، ذلك لأن مسار الطواف محدد شرعا، لافتاً إلى أن الكل شاهد استخدام سطح الحرم والطواف كأحد الحلول المساندة التي تتم من خلالها مواجهة أعداد المسلمين المتزايدة التي تنمو بشكل كبير.
وأفاد النائب الثاني بأن هناك وجهة نظر ترى إزالة بعض الأعمدة ورفع الأسقف بشكل هندسي حتى يتوسع المطاف، معتبرا المسألة من مهمة العلماء والمشايخ الذين يجب عليهم أيضاً أن ينصحوا الناس بألا يقصروا العمرة على رمضان، مؤكدا أنه رغم الزيادة الكبيرة في أعداد المعتمرين في هذا العام وبلوغهم نحو خمسة ملايين معتمر، إلا أنه لم يحصل حادث واحد يسيء إلى من جاء معتمرا أو زائرا للحرمين الشريفين، مضيفاً: ‘علينا أن نعلم وبيقين أننا دولة مسلمة تحكِّم كتاب الله وسنة نبيه وتلتزم بذلك دستورا ومنهجا، وهذا بإذن الله هو إجماع الأمة السعودية، ونأمل فيمن فكر بأفكار أخرى أو حاول ربطنا بتوجهات غربية عليه أن يعلم أننا أمة لنا دستور وارتضيناه، وهو أشرف وأكرم دستور، هو كتاب الله وسنة نبيه عليه – الصلاة والسلام، وهذه كلها تدفعنا أن نطلب العلوم بمختلف مجالاتها وهو ما يتم في المملكة حاليا’.
وأبان النائب الثاني أن معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج له نظرة مستقبلية كبيرة، كما أن مشاريع الحرم ماضية في طريقها المرسوم لكل ما يخدم الحجيج والمعتمرين، مشيراً إلى أنه من الممكن قريبا أن يسمح بالبناء في سفوح جبال منى، وهو الأمر الذي قد يمكن من خلالها استيعاب عدد كبير من الحجاج، حيث إن القصد في ذلك أن تحفظ وتؤمن سلامة حجاج بيت الله الحرام وسرعة وصولهم عند تأدية مناسكهم، مستدركاً أن الدول الإسلامية لو فعّلت قرار منظمة التعاون الإسلامي للزم علينا استقبال 14 مليون مسلم بحكم تزايد المسلمين ووصولهم إلى ما يربو على 1.400 مليار مسلم.
وأوضح الأمير نايف، أن المقام السامي وافق على تنفيذ مشروع النقل العام الجديد، وهو ما سيجعل وصول الحاج والمعتمر إلى الحرم المكي الشريف سهلا ميسرا خلال دقائق، ليس فقط عن طريق السيارات الصغيرة التي ستقف في مواقف خارجية، بل سينتقل إلى قطارات وحافلات وستكون لمكة المكرمة مداخل عدة بخطوط مستقيمة حتى يصل المعتمرون والحجاج إلى الحرم الشريف خلال دقائق، وهذا الأمر شامل للمرافق اللازمة وتكون مكة المكرمة رغم الطبيعة الصعبة، مدينة منظمة، مردفاً: ‘لولا عون الخالق – سبحانه وتعالى – لما تحقق الكثير من الأمن، حيث قام خادم الحرمين الشريفين برعاية خاصة لمكة المكرمة وغيرها من مناطق السعودية من ناحية المشاريع والنهضة التنموية، والقادم أفضل وأكثر – بإذن الله، إن العاصمة المقدسة ستتغطى بكل المشاريع اللازمة، وسيتم الوصول إلى الحرم بكل سهولة والخروج منه بسهولة أيضا عن طريق تنظيم الخطوط والطرق في مكة المكرمة، التي سيعتمد لها 22 مليارا خلال السنوات العشر المقبلة، وهذا كان نتاجا لجهود أمير منطقة مكة المكرمة والهيئة العامة لتطوير مكة والمشاعر المقدسة، وتحت إشراف مباشر من خادم الحرمين الشريفين – حفظه والله’.
وأضاف الأمير نايف: ‘إن المسؤولين والمعنيين بمشاريع مكة وتطويرها يفكرون بنمط إبداعي متميز، وإن الذي تقرر وسيأتي هو تخطيط شامل وموضوع وتمت دراسته بعناية كاملة على أساس المشكلات والواقع الحالي لمكة المكرمة، وتمت دراستها أيضا في جامعات سعودية وبمهندسين أكفاء، وتعامل مع هذا بشكل عميق معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة الذي لديه الخلفيات والقدرة ليكون مرجعا في المتابعة والاستشارة حتى لو اضطر المعهد إلى الاستعانة بجهات عالمية إن لزم الأمر.
وألمح الأمير نايف إلى بعض الممارسات التي تزيد من شدة الازدحام في الحرم المكي الشريف، هي قيام بعض الناس بأداء نسك العمرة كل أسبوع أو ثلاثة أيام، مبيناً أن كل ما يتعلق بالصلاة في الحرم منهج نبوي، حيث بقي عليه – الصلاة والسلام – إبان فتح مكة أسبوعين، وكان يمكث في الأبطح – منطقة قريبة من الحرم المكي – ولم يدخل الحرم الشريف إلا مرة واحدة طوال ذلك الوقت، مهيباً بالمواطنين إلى أداء نسك العمرة إذا تيسرت مع الابتعاد عن التكرار الذي يعد ليس ضروريا في كل عام وفي كل رمضان، إذ إن الله يعبد في كل مكان، وأن المهم أن يكون هناك تعاون بين المواطنين وأن يكون هناك توجيه وإرشاد من قبل العلماء حول كيفية أن يتعامل الإنسان مع هذه العبادة حتى يكون الناس على علم ويسهلوا على إخوتهم المسلمين أداء النسك، لافتا إلى أن الأمر بات ملحاً، خاصة أنه ستأتي في موسم الحج أعداد أكبر من المسلمين خلال الأعوام المقبلة، مستدركاً أنه بالاعتماد على الله – سبحانه – سيتمكن الجميع من عمل واجباتهم الشريفة، وهو تكريم من الله – سبحانه – لهذه البلاد بحكم وجود الحرمين فيها.
وقال الأمير نايف: ‘الفصل في مسائل الاجتهادات الفقهية والشرعية لا يكون إلا أن من خلال طاولة العلماء المسلمين، وإن مكة كلها حرم وهي تزخر بالمساجد، وكل من صلى في مسجد فيها فكأنما صلى في الحرم، وإن كان بعض العلماء يقول إن صلاة في بيت الله بمائة ألف صلاة، لكن التفسير في بيت الله يبقى مفتوحاً، هل هو الحرم الذي هو المسجد الحرام؟ أم المقصود به كل المساجد التي داخل مكة؟’، مبيناً أن شأن العلماء والواجب عليهم النظر بما يسهل على المسلمين، امتثالاً لقول الرسول – صلى الله عليه وسلم: ‘يسروا ولا تعسروا’، مؤكداً أن كل ما يضر بالطائفين والمصلين أمر لا يرتضيه أحد، وأن المراد هو أن يؤدوا صلاتهم وطوافهم بكل سكينة، وهو أمر قد يجهله بعض الناس.
وتابع الأمير نايف: يعتقد بعض الناس عند الطواف أنه لا بد من الوقوف والتكبير، وجميعنا يعرف أنه حين المرور على الحجر الأسود يلزم التكبير على غير وقفة، والوقوف في حد ذاته يعطل انسيابية الحركة، حيث ينبغي على المسلم إذا صلى فرضا أن يترك مكانا لأخيه المسلم، خاصة أننا مكلفون بأن نراعي المسلمين بأعدادهم الكبيرة التي وصلت هذا العام إلى خمسة ملايين مسلم.
وأفاد الأمير نايف بأنه سيتم التعامل مع ملف الأحياء العشوائية في مكة المكرمة بما يحفظ للناس حقوقهم بحيث يعوضون عنها، ومن يسكن في منزل ليس له ملاك شرعيون من المواطنين فليس له الحق في ذلك وعليه أن يبحث عن مسكنٍ آخر له، مبينا أن هناك عناية كبيرة من الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده بهذا الأمر، مشيراً إلى أنه يقدر الجهود المكثفة التي بذلها الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة ومن معه من هيئة تطوير مكة.
وعن الاستثمارات الجارية على الأراضي السعودية وحجمها، ذكُر الأمير نايف بمقولة رجال الأعمال ‘رأس المال جبان ما لم يستغل في بيئة آمنة’، مفيدا أننا نعيش نشاطا اقتصاديا في أفضل حالته، وأن رؤوس الأموال الأجنبية تفد إلى السعودية للاستثمار بشكل مستمر رغم ما هو محيط بنا من كل الجهات، إلا أن الأمن والاستقرار متحققان بفضل لله – عز وجل، ثم لتطبيقنا سنة نبيه – عليه الصلاة والسلام، وخدمة الحرمين الشريفين، وتمكين المسلمين من أن يأتوا حجاجا وعمارا وزوارا آمنين مطمئنين، وهو ما تثبته المشاهدة للأعداد الكبيرة الموجودة الآن في مكة المكرمة والمدينة المنورة.
وزاد النائب الثاني : ‘ما من الله به علينا من أمن فهذا لا شك أنه أولا من الله – سبحانه وتعالى، ثم لتمسكنا بهذه العقيدة وتحكيم دستورنا الحقيقي الذي هو كتاب الله وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم، والتمسك بهذا مهما كانت الظروف، وهو أمر مفعّل في كل الأحوال وكل شيء مطلوب لخدمة الأمة سيتحقق لها، وكل نظام يسن يجب ألا يكون معارضا للإسلام، ونسمع الآخرين يقولون هذا دستور بيد أن دساتيرهم وضعية، ودستورنا هو كتاب الله وسنة نبيه’.
من جهته، قال عبد الرحمن فقيه، رئيس مجلس إدارتي شركة مكة للإنشاء والتعمير وشركة جبل عمر للتطوير: في الوقت الذي يشهد فيه العالم من حولنا من الحروب والفتن والاضطرابات وفقدان الأمن والاستقرار وإراقة الدماء والعدوان على الأعراض والأموال والممتلكات في دوامة ورهيبة لا يعلم نهايتها الا الله – سبحانه وتعالى، فإنه تبرز هذه البلاد المباركة على سطح البسيطة واحة أمن واستقرار ورخاء ونماء، موفورة الكرامة قوية الجانب، تقدم للدنيا بأسرها نموذجها الكريم وتجربتها الفريدة في بناء الأوطان ورخاء الإنسان وخير الدارين والحفاظ على مرتكزات عزتها وهويتها الإسلامية التي تتمسك بها وتشع بأضوائها على كل العالم لتطوع القوانين البشرية ولا تكون مطاوعة لها.
وزاد بالقول: ‘ومما لا شك فيه أن نعمة الأمن والاستقرار الذي نعيشه واقعا ونتفيأ ظلاله الوارفة رخاء ونماء ونهضة شاملة في سائر أرجاء البلاد هو ما نقطف ثماره اليوم ونشهد آثاره ونتائجه مقارنة بالواقع الدامي المرير في العالم من حولنا’.
وقال عبد الرحمن فقيه، رئيس مجلسي الإدارة في شركة جبل عمر للتطوير وشركة مكة للإنشاء والتعمير، وذلك في خطابه أمام النائب الثاني: ‘من حقكم علينا نحن المواطنين والمقيمين على ثرى هذه الأرض المباركة أن نتقدم إليكم بالشكر والدعاء والثناء الجميل، وأنتم – حفظكم الله – فارس الأمن والعين الساهرة على أمن الوطن والمواطنين، فبإدارتكم القيادية الفذة وحكمتكم المستنيرة الواعية التي أقامت جسورا من الثقة والمسؤولية الإيجابية بين المواطنين وأجهزة الأمن بعيدا عن شبح الخوف ومشاعر الرعب التي حكمت وتحكم العلاقة بين الشعوب وأجهزة الأمن في كثير من بلدان العالم حولنا’.
وأضاف فقيه: ‘ضربتم أروع الأمثلة وأسماها وأنتم ترددون على مسامع المواطنين قولكم الخالد: إن المواطن هو رجل الأمن الأول، معززين بذلك لحمة التعاون الفاعل بين المواطن وأجهزة وزارة الداخلية في الوقوف صفا واحدا موحدا في التصدي لكل من يريد العبث بأمن البلاد والعباد وإحباط مخططاتهم الإجرامية، وكان لنجاحكم الباهر في التصدي لظاهرة الإرهاب، التي استهدفت أمن البلاد واستقرارها حتى تم دحرها وتدمير خلاياها صداه الباهر المدوي في كل أرجاء العالم ومحل إعجابه وتقديره والاستفادة منه’.