الأخبار المحلية

رقيم ودهاق أوطاننا العربية (3-3) للتضاد عند الليبيين معنى آخر: فصحراؤهم أفرزتهم عيون أصالة إبداعية وحُنوّ لركاز ثقافتهم

أتطوي هكذا إذًا مئزرك يا أعرابي مستيقنًا مستمكنًا على ظهر راحلتك شدادك ومتاعك. وعلى أحد أجناب «خِرجِك» ذات اليمين من مفاء أضابيرك, ما قصصناه لك من نبأ القوم وأسمعناك من أشعارهم ومنثورهم, وأقاصيصهم, ورواياتهم قديمها الأثيري وحديثها الأسجح. وعلى أجنابها ذات الشمال تقر عينًا وعينك باردة على قربة مائك, مستعينًا بالله ثم بها إثر قفولك أرض خليجك. أتُرى غائلة «صحراء فزان» أفزعتك مثلما أفزعتنا في سنوات القحط وطحتنا؟ فلم نجد مندوحة سوى أن دسّرنا جدبتها ورمضة قحطتها وهدأناها وألفنا وحشتها بأضخم مشروع لنقل المياه في العالم «مشروع النهر الصناعي العظيم» فلتهنأ هاشًا باشًا, ميممًا وجهك للجزيرة.
فلا ترهقن يا أعرابي, فنحن وربك وربنا منذ سؤالك عن راحلتك يوم أمس وتحريصك على أن نروي قربتك, علمنا ما أنت عازم عليه في غدك.. بعد أن أنهيت جولتك المغاربية التي بدأتها في الثالث من نوفمبر 2018م, من المغرب. وبعد مكثك فيها جائلاً في مشهدها بين المفكرين والأدباء والمثقفين, أنست السير في مسيرك لتونس الخضراء فولجتها مطلع ديسمبر المنصرم, وهناك أيضًا أنست حالاً وموئلاً بين أدبائها ومثقفيها وتتبعت فنونها وأعلامها حتى سفح الجبل الذي أوى إليه ضريح الشاعر أبي القاسم الشابي تحسست قلبك وقلب الشابي الذي أودى به هناك مقبورًا فيما خلد أشعاره في بقية أيام العرب, كما حملت أحمالك بمقولات ابن خلدونهم, ثم أنستنا ضيفًا علينا في ليبيا منذ الثاني عشر من مستهل هذا العام 2019م, وغدًا نودعك بعدما عزمت على سلك الفجاج والسبل الموصلة للخليج العربي.. تمنيناك لو كانت في الأماني أن تطيل المقام بيننا ونزيد من ليال السمر والأنس سامرين ومارين بنصب وبقايا أحجار متراصة متكومة من مسارح الرومان والإغريق ونحدثك عنها كيف كانت قبل بدء التاريخ الميلادي, وكيف حال مسرحنا اليوم.. وتمنيناك لو كانت بالأماني أن ترتشف ألوان التشكيليين وتتلون أطراف ريشتك المبروزة باللامعقول والانبساطية.. لنرسمك تجريديًا وتعبيريًا وانطباعيًا.. ولنقول لك كيف انطباعاتك عن إرثنا ومنتوجنا؟
فقلت: ورب الليبيين والليبيات. لقد زاد قلبي تعرشًا بكم ما يضمن له أن يمخر رمال صحراؤكم العربية الكبرى ويلهم رمالها الحارة حتى حسبت نفسي نهركم العظيم, ألا ليتني كما جريت نحوكم متبخترًا في مشهدكم الأدبي أجري نحوكم لنحوكم .. ولكنها سنن الحياة تمضي مثلما بدأت تطوي.. وهاهي تنطوي الرحلة وسأكون في الخليج العربي في أسبوعي المقبل.. لكني لحظة إذ لم تبلج شمس وجهتي. إلا أن ملامحها مدرهمة «رحولي» نحو كويت إخوان مريم أو إمارات عيال زايد.
أيها الأصدقاء الليبيون دعوني اليوم أترنم بشذى حرفكم ومسكه المختتم.. وفي سبتنا القادم أعيروني أسماعكم كي تلقفوا الصدى لأعرابيكم وأنّى حُطّت رحاله..

الأخبار المحلية

رقيم ودهاق أوطاننا العربية (3-3) للتضاد عند الليبيين معنى آخر: فصحراؤهم أفرزتهم عيون أصالة إبداعية وحُنوّ لركاز ثقافتهم

أتطوي هكذا إذًا مئزرك يا أعرابي مستيقنًا مستمكنًا على ظهر راحلتك شدادك ومتاعك. وعلى أحد أجناب «خِرجِك» ذات اليمين من مفاء أضابيرك, ما قصصناه لك من نبأ القوم وأسمعناك من أشعارهم ومنثورهم, وأقاصيصهم, ورواياتهم قديمها الأثيري وحديثها الأسجح. وعلى أجنابها ذات الشمال تقر عينًا وعينك باردة على قربة مائك, مستعينًا بالله ثم بها إثر قفولك أرض خليجك. أتُرى غائلة «صحراء فزان» أفزعتك مثلما أفزعتنا في سنوات القحط وطحتنا؟ فلم نجد مندوحة سوى أن دسّرنا جدبتها ورمضة قحطتها وهدأناها وألفنا وحشتها بأضخم مشروع لنقل المياه في العالم «مشروع النهر الصناعي العظيم» فلتهنأ هاشًا باشًا, ميممًا وجهك للجزيرة.
فلا ترهقن يا أعرابي, فنحن وربك وربنا منذ سؤالك عن راحلتك يوم أمس وتحريصك على أن نروي قربتك, علمنا ما أنت عازم عليه في غدك.. بعد أن أنهيت جولتك المغاربية التي بدأتها في الثالث من نوفمبر 2018م, من المغرب. وبعد مكثك فيها جائلاً في مشهدها بين المفكرين والأدباء والمثقفين, أنست السير في مسيرك لتونس الخضراء فولجتها مطلع ديسمبر المنصرم, وهناك أيضًا أنست حالاً وموئلاً بين أدبائها ومثقفيها وتتبعت فنونها وأعلامها حتى سفح الجبل الذي أوى إليه ضريح الشاعر أبي القاسم الشابي تحسست قلبك وقلب الشابي الذي أودى به هناك مقبورًا فيما خلد أشعاره في بقية أيام العرب, كما حملت أحمالك بمقولات ابن خلدونهم, ثم أنستنا ضيفًا علينا في ليبيا منذ الثاني عشر من مستهل هذا العام 2019م, وغدًا نودعك بعدما عزمت على سلك الفجاج والسبل الموصلة للخليج العربي.. تمنيناك لو كانت في الأماني أن تطيل المقام بيننا ونزيد من ليال السمر والأنس سامرين ومارين بنصب وبقايا أحجار متراصة متكومة من مسارح الرومان والإغريق ونحدثك عنها كيف كانت قبل بدء التاريخ الميلادي, وكيف حال مسرحنا اليوم.. وتمنيناك لو كانت بالأماني أن ترتشف ألوان التشكيليين وتتلون أطراف ريشتك المبروزة باللامعقول والانبساطية.. لنرسمك تجريديًا وتعبيريًا وانطباعيًا.. ولنقول لك كيف انطباعاتك عن إرثنا ومنتوجنا؟
فقلت: ورب الليبيين والليبيات. لقد زاد قلبي تعرشًا بكم ما يضمن له أن يمخر رمال صحراؤكم العربية الكبرى ويلهم رمالها الحارة حتى حسبت نفسي نهركم العظيم, ألا ليتني كما جريت نحوكم متبخترًا في مشهدكم الأدبي أجري نحوكم لنحوكم .. ولكنها سنن الحياة تمضي مثلما بدأت تطوي.. وهاهي تنطوي الرحلة وسأكون في الخليج العربي في أسبوعي المقبل.. لكني لحظة إذ لم تبلج شمس وجهتي. إلا أن ملامحها مدرهمة «رحولي» نحو كويت إخوان مريم أو إمارات عيال زايد.
أيها الأصدقاء الليبيون دعوني اليوم أترنم بشذى حرفكم ومسكه المختتم.. وفي سبتنا القادم أعيروني أسماعكم كي تلقفوا الصدى لأعرابيكم وأنّى حُطّت رحاله..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *